للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تصانيفِ أهلِ السُّنةِ في التفسير غُنيةً عنه، ولكلِّ ذي عقل اختيارُه، والله ينفَعُ أبا الحُسَين وأبا العبّاس بمقصدِهما، فكلاهما نَصَحَ، أعظَمَ اللهُ أجرَه. وفي الكتاب المذكور (١) جملةٌ كبيرةٌ جَلِيّة وخَفِيّة ممّا أشار إليه أبو الحُسَين رحمه الله، ولكنّه على ذلك مُترَعٌ فوائد، ومشحونٌ غرائبَ عِلميّةً لا توجَدُ مجموعةً في كتابِ غيرِه ألبتّةَ سوى ما اختَصَّ به من كثيرِ ما احتوى عليه من التنبيه على حُسنِ نظم القرآنِ العظيم والإرشاد إلى بديع رَصْفِه والكشفِ عن وجوهِ إعجازِه، واللهُ يسمَحُ للجميع ويتقبَّلُ عنهم أحسَنَ ما عمِلوا ويتجاوزُ عن سيّئاتِهم، إنه جوادٌ كريم غفورٌ رحيم (٢).

وكان أبو العبّاس هذا شديدَ الشَّغَف بالعلم فطَمِعَ دهرَه في صُحبةِ أهلِه، ولازَمَ أبا حَفْص بنَ عُمرَ طويلًا، وكان مَلِيًّا بأخبارِه ذاكرًا لأشعارِه حسَنَ المحاضرة، يَحضُرُ مجالسَ أهل العلم أقرانُه ومن هو أصغرُ منه، وقد كان يَحضُرُ مجلسَ الأستاذ أبي الحَسَن الدّبّاج وغيره من طبقتِه ومَن هو دونَه. وتوفّي رحمه الله بإشبيليةَ في حدودِ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة.

١٣ - أحمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله الجُذَامي.

رَوَى عن شُرَيْح (٣).


= أما الردود المشرقية على "الكشاف" فينظر فيها كشف الظنون ٢/ ١٤٧٥ - ١٤٨٤، وقد فات الدكتور مصطفى الجويني أن يشير إلى بعض ما ذكرنا من عناية أهل المغرب بالكشاف في رسالته الجامعية: "منهج الزمخشري في تفسير القرآن".
(١) في الأصل: "المذكورة" وفوقها كلمة: "كذا" علامة الغلط، فأصلحناها.
(٢) في مقدمة ابن خلدون: ٤١٦، ٥٥٠ رأي شبيه برأي المؤلف هنا. (ط. بولاق ١٣٢٠ هـ).
(٣) يتردد في هذا الكتاب ذكر الرواة عن شريح وهو أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الإشبيلي المتوفى سنة ٥٣٩ هـ. انظر ترجمته في الصلة (٥٣٥)، وبغية الملتمس (٨٤٩)، والقاضي عياض في الغنية (٢١٢)، وللذهبي في تاريخ الإسلام ١١/ ٧٠٥، وقال ابن الأبّار: وكان شريح رحمه الله بطول العمر قد انفرد بعلو الإسناد لسماعه إياه (أي صحيح البخاري) عن أبيه وأبي عبد الله بن منظور عن أبي ذر فكان الناس يرحلون إليه بسببه، وكان قد عيَّن لقراءته شهر رمضان فيكثر الازدحام عليه في هذا الشهر من كل سنة ويتواعد أهل الأقطار المتباعدة للاجتماع فيه عنده (التكملة، الترجمة ٢١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>