للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مجوِّدًا للقرآنِ العظيم عارِفًا بوجوهِ القراءات، ضابطًا لها، حافظًا للحديثِ ثقةً فيما يَأثُرُه، ثَبْتًا فيما يُسنِدُه، ذا حظٍّ صالح منَ الفقه، مُجيدًا في النَّظم، ومنه في ترتيبِ حروفِ "العين" وما أشبَهَه [الطويل]:

عَلِقْتُ حبيبًا هِمْتُ خيفةَ غَدْرِهِ ... قليلٌ كَرَى جَفْني شكا ضُرَّ صَدِّهِ

سَبَا زَهْوُه طفلًا ديانةَ تائبٍ ... ظلامتُهُ ذنبٌ ثَوى رَبْعَ لَحْدِهِ

نَواظرهُ فتّاكةٌ بعميدِهِ ... مَلاحتُه أجرَتْ ينابيعَ وَجْدِهِ

مولدُه سنةَ سبعٍ أو ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ سَحَر ليلة يوم الجُمُعة الثانية من جُمادى الأُولى سنةَ خمس وست مئة.

١٢٦٩ - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن العاص اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ استَوطَنَ بأخَرةٍ مالَقةَ، أبو بكر.

تَلا في بلدِه بالسَّبع على أبي بكرٍ عَتِيق بن خَلَف ابن قَنْتَرال، وأبي الحُسَين ابن عَظِيمةَ، وأبي القاسم بن أبي هارُون، وأخَذَ عن أبي الحَكَم عبد الرّحمن بن حَجَّاج، وأبي العبّاس بن مِقْدام "كافيَ" ابن شُرَيْح، وله شيوخٌ غيرَ هؤلاء.

تَلا عليه أبو بكرٍ أحمدُ المدعوُّ بحميد ابن أبي محمد ابن القُرطُبيّ، وأبو جعفر بنُ الزبير، وحدَّثنا عنه.

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا حافظًا للحديثِ راوِيةً لهُ ضابطًا لِما يحدِّثُ به، من أهل الطَّهارةِ والزّكاءِ والفَضْل والتعيُّن الشّهير، فَصَلَ عن إشبيلِيَةَ حين تغَلَّبَ الرُّومُ عليها، دمَّرَهم اللهُ ورَجَعَها، فسَكَنَ مالَقةَ، وعرَفَ مكانَه الأستاذُ أبو بكرٍ حميد، فأقعَدَه معه في مجلس إقرائه وتَلا عليه ورغَّبَه في إقراءِ الناس، فتَصدَّى لذلك ولم يكنْ تعرَّضَ إلى شيء من ذلك ببلدِه، فاشتُهِرَ فَضْلُه وانثالَ الناسُ للأخذ عنه وعَلَا صِيتُه بتلاوةِ الأستاذ أبي بكرٍ حميدٍ عليه، وأخْذِ الطَّلبة بالأخْذِ عنه، وعُمّر كثيرًا وأسَنَّ وخَطَبَ برابِطة البَتِّي من مالَقةَ دهرًا، ثُم أقعدَتْه

<<  <  ج: ص:  >  >>