للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو الحَسَن من أهل الإتقانِ والضَّبطِ والأمانة، متقدِّمًا في الثِّقة والعدالة، صَدْرًا في الزُّهدِ والوَرَع والإنفاق، ملتمَسَ الدعوة، معظَّمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة من أهل بلدِه.

مَوْلدُه ببِجَايةَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها ليلةَ السّبت التاسعةَ والعشرينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ثنتينِ وخمسينَ وستِّ مئة، ودُفن ظُهرَ يوم السّبتِ المذكور، وصَلّى عليه الخَطيبُ أبو بكر بنُ أحمد بن سيِّد الناس (١).

٧ - عليُّ (٢) بن القاسم بن محمد بن موسى بن عيسى الفنزاريُّ -وقد تقَدَّم بيانُ أصل هذه الشُّهرة في رَسْم أبي عليّ حَسَن بن عليّ منهم- سَلَويٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ عشَرة.

ويُذكَرُ أنّهم من عَقِب أحمدَ بن محمد ابن المُدبِّر الكاتبِ أخي إبراهيمَ وزيرِ المعتمِد وكبيرِه.

كان أبو الحَسَن فقيهًا حافظًا سَرِيَّ أهل بلده وجيهًا [مؤْثرًا. استُقضيَ ببلدِه] وأورَثَ عقِبَه سؤدَدًا وشرفًا. ودَخَلَ الأندَلُسَ غازيًا سنةَ ثمانينَ وأربع مئة (٣)، وامتَدحَه بها طائفة من أُدبائها، وشرَّق حينَئذٍ، وامتَدحَ [بالمَهْديّة ومِصرَ] وغيرهما، ثم عاد إلى بلدِه.

ومما يُؤْثَرُ من مَكارمِه أنّ أبا بكرٍ عيسى [ابنَ الوكيل اليابُريَّ] كان أيامَ لَمْتُونةَ مُستعمَلًا في مَجابي غَرناطةَ، يُحكَى أنه انكسَرَ عليه [مالٌ جليل] يَبلُغُ عشَرةَ آلافِ دينار، فقُبِضَ عليه وأُشخِص منكوبًا إلى مَرّاكُش، [فلمّا بلَغَ] الموكّلون


(١) هو محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر اليعمري المعروف بابن سيّد الناس المتوفى سنة ٦٥٩ هـ، والمتقدمة ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة ١٢٤٥)، وينظر تاريخ الإسلام ١٤/ ٩١٦.
(٢) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (١٢٣٥)، وابن الأبار في التكملة (٢٨٤٨)، وينظر بحث الدكتور محمد بن شريفة عن بني عشرة في مجلة تطوان ١٩٦٥ م.
(٣) في التكملة: "ثمان وثلاثين وأربع مئة".

<<  <  ج: ص:  >  >>