للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبَّيْكَ ما يَعتاقُ عنكَ بِعادُ ... تَدْنو نفوسٌ إنْ نَأتْ أجسادُ

كم مِن مُشافَهةٍ يَضِيقُ بيانُها ... عمّا تبلِّغُ رُقْعةٌ ومِدَادُ

يا رُبَّ أعجَمَ مُفصِحٍ عن شأنِهِ ... تَحْيا به الألبابُ وهْو جمادُ

أنطَقْتَ أخرَسَه فلوْ لم ينتَسِبْ ... لك لادَّعَتْهُ وائلٌ وإيادُ

عَلَّمْتَهُ قَدْحَ المعالي فهْو لا ... يَخْبو بنارِ الفهمِ منه زِنادُ

وَرِيَتْ به بعدَ الخمودِ قريحتي ... فشِهابُها بادي السَّنا وقَّادُ

وأحَلَّني في رُتبةِ الأدبِ التي ... عَيٌّ زهيرٌ دونَها وزيادُ (١)

فبأيّ ألسنةٍ نُنَظِّمُ شُكْرَها ... في والدٍ شَرُفَتْ به أولادُ

حَسْبي اعتقادي أنَّ ما أرضاكَ قد ... أرضَى الإلهَ وما سخِطتَ عِنادُ

مولدُه في منتصَفِ ذي قَعْدةِ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بقريته بَرجُلانَةَ، إحدى قرى لَبْلة، من علّة الشُّوصة (٢) -نفَعَه الله بالشّهادة- في ليلةِ الجُمعة منتصَفَ ذي قَعْدةٍ أيضًا سنةَ ثمان وثمانينَ وخمس مئة، وقال حين احتُضِر: والله لا أُبالي بالموت ثقةً بحبِّ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -, صَدَّق اللهُ رجاءه. وصُلِّي عليه إثْرَ صلاةِ العَصر من يوم الجُمعةِ المذكور ودُفِنَ بجَوْفي دارِه، ومنذ سنينَ كان يُوصي بدفنِه في ذلك الموضع ويتَعاهدُه بتقديسِه والقراءةِ فيه، نفَعَه اللهُ بذلك القَصْد، وجعَلَه لهُ رَوْضةً من رِياض الجنّة.

٤٥ - سَعْدونُ (٣) بن سُليمانَ بن مُفرِّج بن غَزْلُون، لارِديٌّ، أبو عثمان.

رَوى عن بعض أصحابِ أبي بكرٍ إسماعيلَ بن أبي محمد بن إسحاق، ابنِ عَزْرة.


(١) زياد: هو النابغة الذبياني.
(٢) الشوصة: ورم في حجاب الأضلاع من داخل.
(٣) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٣٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>