للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا قَدِمَ أبو جعفرٍ الأندَلُس تفَرَّغ لإفادةِ العلم صابرًا محتسِبًا ممكِّنًا طلّابَه منه إلى أن توفِّي عَفَا اللهُ عنه بإشبيلِيةَ قُبَيْلَ صلاة العصرِ من يوم الخميس لثمانٍ بَقِينَ من جُمادى الأ [ولى] (١) سنةَ ثنتينِ وتسعينَ وخمس مئة، وصُلِّي عليه بجامع إشبيلِيَةَ عقِبَ صلاة الجمُعة من اليوم الثاني ليوم وفاتِه، ودُفِن إثْرَ الصلاة عليه بمقابرِ السادة خارجَ بابِ جَهْوَر أحدِ أبواب إشبيليَة، ومَوْلدُه بقُرطُبةَ ليلةَ عيدِ الفِطر من سنة إحدى عشْرةَ، وقيل: ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وهو أصحّ.

قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَنُ الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ، ونُقلتُه من خطِّه: قال لي صاحبُنا المقرئُ أبو القاسم: أنشَدَني أبو القاسم ابنُ بَقِيّ وأبو بكر بن غالبٍ، قالا: أنشَدَنا أبو العبّاس ابن مَضاءٍ لنفسِه وقدِ اشتاقَ إلى قُرْطُبةَ وطنِه وهو ببلادِ العُدْوة [البسيط]:

يا لَيْتَ شِعريْ وليتٌ غيرُ نافعةٍ ... من الصَّبابة هلْ في العُمْر تنفيسُ؟

متى أرى ناظرًا في جَفْن قُرْطُبةٍ ... وقد تغيّبَ عن عَيْنيَّ نَفِّيسُ؟ (٢)

وقد أنبأني بهذينِ البيتينِ إجازةً إن لم يكنْ سَماعًا شيخُنا أبو القاسم البَلَويُّ عن قائِلهما (٣).

٢٩٢ - أحمدُ (٤) بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصَّقْرِ الأنصاريّ الخَزْرَجيّ، أبو العبّاس.

أصلُه من الثَّغْر الأعلى من سَرَقُسْطَة حيثُ منازلُ الأنصار هنالك، وانتقلَ جَدّ أبيه عبد الرّحمن بابنِه محمد صغيرًا منها لحدوثِ بعض الفِتَن بها إلى بَلَنْسِيَة،


(١) بياض في النسختين استفدناه من التكملة وغيرها.
(٢) انظر في بلد "نفيس": المغرب للبكري (١٦٠)، والاستبصار (٢٠٨).
(٣) قوله: "عن قائلهما" سقطت من ق.
(٤) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٢٠١)، وتحفة القادم (كما في المقتضب ٤٩)، والذهبي في تاريخ الإِسلام ١٢/ ٤٠١، والصفدي في الوافي ٧/ ٤٧، وابن الخطيب في الإحاطة ١/ ١٨٢، وابن فرحون في الديباج ١/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>