للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام في كَنفِه مُدّةً وامتَدحَه وابنَه الحاجبَ المُؤتمِنَ، ثم فَصل عنه في جُمادى الأولى سنةَ أربعٍ وستينَ وأربع مئة، وعاد إلى المَرِيّة قاصِرًا أمداحَه على أميرِها المعتصِم، إلى أن توفِّي في حدودِ الثمانينَ وأربع مئة.

١١ - محمدُ (١) بن أحمدَ بن عُثمانَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عامر البُرِّيانيُّ -بضمِّ الباءِ بواحدةٍ وكسرِ الراءِ المشدَّدة وياءٍ مسفولةٍ وألِفٍ ونُون، منسوبًا لولادتِه ببُرِّيَانةَ.

صَحِبَ أبا محمد القَلنّيَّ وكان يحضُرُ مجلسَه كثيرًا، وكان من أترابِ أبي إسحاقَ الخَفَاجيِّ وأصحابِه المختَصِّينَ به.

رَوى عنه أبو عبد الله بنُ نابِل؛ وكان من عِلْيةِ الأُدباء وجِلّة الشُّعراء، ومن نَظْمِه: قولُه في الصَّنَم الذي بشاطِبة [البسيط]:

بقيّةٌ من بقايا الرومِ معجبةٌ ... أَبدى البُناةُ بها من علمِهم حِكَما

لم أدرِ ما أضمَروا فيها سوى أُممٍ ... تتابَعَتْ بعدُ سَمَّوْهُ لنا صَنَما

كالمِبرَدِ الفردِ ما أخطا مُشَبِّهُهُ ... حقًّا لقد بَرَدَ الأيامَ والأُمما

كأنه واعظٌ طال الوقوفُ بهِ ... ممّا يُحدِّثُ عن عادٍ وعن إرَمَا

وانظُرْ إلى حَجَرٍ صَلْدٍ يكلِّمُنا ... أشجَى وأوعَظَ من قُسٍّ لمن فَهِما

وقد أخبَرني بهذه القطعة إنشادًا منِّي عليه وبعضُها قراءةً شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني رحمه اللهُ، قال: أخبَر في وأنشَدني الراوِيةُ المُحدِّثُ أبو القاسم القاسمُ ابنُ الطّيْلَسان، قال: أنشَدَني أبو عِمرانَ موسى بنُ عيسى بن خَلَف اللَّخْميُّ ابنُ الفَخّار، قال: أنشَدَني أبو عبد الله الفَخّارُ الرجُلُ الصّالحُ الغَرْناطيُّ، وأخبَرَني قال: اجتَمعَ جماعةٌ من الأدباءِ بشاطِبة، فيهم الأستاذُ ابنُ عثمان، فتوافَقُوا على أن يقولَ كلُّ واحدٍ منهم أبياتًا في وَصْف الصَّنَم الذي بها، وتأجَّلُوا في ذلك ليلةً،


(١) ترجمه التجيبي في زاد المسافر ٩١، وابن الأبار في التكملة (١٢٦٦)، والذهبي في المستملح (٦٧)، وتاريخ الإسلام ١١/ ٦٥١، والصفدي في الوافي ٢/ ٩٤، والمقري في نفح الطيب ٤/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>