للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُلد بمَرّاكُشَ سنةَ خمس وتسعينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بها نصفَ ليلة الخميس الحادلة والعشرينَ من ذي قَعْدةِ أحدٍ وسبعينَ وستّ مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العَصْر من يوم الخميس المذكور بجَبّانة أسر غسن بمقرُبة من جامع عليّ بن يوسُف، عَمَرَه اللهُ بدوام الذِّكْر فيه، وشَهِدَ جَنازتَه خَلْقٌ كثير، وأثنَوْا عليه صالحًا، وكان أهلًا لذلك.

١٢٩ - محمدُ (١) بن عليّ بن مَرْوانَ بن جَبَل الهَمْدانيُّ، وَهْرانيٌّ نشَأَ بتِلِمْسينَ شَلَوبينيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابن مَرْوان.

رَوى عن أبي موسى عيسى بن عِمران. رَوى عنه أبو جعفر بن ثُعْبان. وكان فقيهًا مُستبحرًا في حفظِ المسائل ماهرًا في النّظر بارعَ الخَطّ سَرِيَّ الهمّة. استُقضيَ بتلمسينَ وقتًا، ثم قَدَّمه المنصورُ، من بني عبد المؤمن، في حركتِه المَشْرقيّةِ الثَّانية -وهي حركةُ قَفْصة (٢) - إلى قضاءِ الجماعة بعدَ صَرْف أبي جعفر ابن مَضَاء عن الخُطّة حسبَما ذُكِر في رَسْم أبي جعفر (٣)، فتقَلَّده محمودَ السيرة متعرَّفَ العدل والنزاهة والتُّؤَدة، يُذكَرُ أنه لم يجلدْ أحدًا طولَ أيام استقضائه بسَوْط، وكان، على ما ذُكِر من مشكورِ أحوالِه، كثيرَ المَيْل إلى ...

وكان المنصُورُ معجَبًا به [متحفِّيّا] (٤) بشَخْصِه، حَظِيَ لديه كثيرًا فكان لا يَدخُلُ عليه أوجَهُ عندَه ولا أخفُّ على قلبِه منه (٥)، معَ علمِه بما كان عليه من


(١) ترجمه ابن الأبار في التكملة (١٧٣٣)، وابن سعيد في الغصون اليانعة ٢٩، وابن الزبير في الصلة ٣/الترجمة (١٣)، والذهبي في المستملح (٣٣٩) وتاريخ الإسلام ١٣/ ٤٢، والمراكشي في الإعلام ٤/ ١٢١.
(٢) كانت هذه الحركة سنة ٥٨٢ هـ.
(٣) راجع السفر الأول من هذا الكتاب (٢٩١).
(٤) في الأصل: "متحنا" وفوقها ضبة، وصوابها ما ذكرنا.
(٥) أشار ابن الزبير إلى صفة من الصفات التي قربته من المنصور، قال: "وكان يخطب عند المنصور في محافل الوفود ومشاهد الجماهير قيامًا بالمصالح وإعرابًا عن الأغراض والمقاصد ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>