للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الإراحةِ فيه اعتَلَّ القاضي أبو جعفر، وكان للمنصور غَرَضٌ في إنهاضِ أبي عبد الله بن عليّ بن مَرْوانَ، المذكورِ بعدُ في موضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله (١)، وإسنادِ (٢) قضاء الجماعة إليه تَسَبُّبٌ لذلك بمرض أبي جعفر، وقَدمَ أبا عبد الله مكانه (٣) وأقلَعَ من القَيْروان إلى تونُس فاستقَرَّ بها أبو جعفر، وفَصَلَ المنصورُ إلى حضرةِ (٤) مَرّاكُش، ثمَّ أبَلَّ أبو جعفرٍ وخاطَبَ المنصورَ يستأذِنُه في القدوم على مَرّاكُش، فكتَبَ له بالتقديم على قضاءِ بِجاية فتولّاه بُرهةً ثم أخّر عنه، وتوجَّه إلى الأندَلُس للقاء المنصورِ بها فاستقَرَّ بإشبيلِيَةَ يُسمِعُ الحديث ويؤخَذُ عنه ضروبُ ما كان عندَه من العلوم.

وما ذكَرَه أبو الخَطّاب بن الجُميّل من أنّ أبا جعفرٍ كان المستعفيَ من القضاءِ معتِذراً بكَبر السنّ والضَّعف عن الوفاء بما يجبُ من القيام بالأحكام، وأن المنصورَ أسعَفَه في ذلك وأعفاه مُكرَّمًا مبروراً، فقولٌ لم يَنْبَنِ على تحقيق، وكذلك ما ذكَرَه الأستاذُ أبو محمد طَلْحةُ، من أنّ أبا القاسم بنَ بَقِي وَليَ خُطّةَ قضاءِ الجماعة لمّا [أسَنَّ أبو جعفر ابنُ مَضَاء، [غيرُ] (٥) صحيح أيضًا، وإنّما وَلِيَ أبو القاسم قضاءَ الجماعة لمّا] (٦) صُرِف عنه أبو عبد الله بنُ مَروانَ بإشبيلِيةَ لسببٍ سيُذكَرُ في اسم ابن مَروان إن شاء [اللهُ] تعالى.


(١) ترجم له المؤلف في السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة ١٢٨) وما بعدها. وقال: "ثم قدّمه المنصور من بني عبد المؤمن في حركته المشرقية الثانية وهي حركة قفصة إلى قضاء الجماعة بعد صرف أبي جعفر ابن مضاء عن الخطة حسبما ذكر في رسم أبي جعفر" وله ترجمة واسعة في الغصون اليانعة ٢٩ - ٣٥، والتكملة (١٧٣٣)، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الإعلام ٣/ ٧٠ (نقلاً عن التكملة)، وانظر المعجب (٢٦٩، ٣٣٩، ٣٩١).
(٢) في ق: "بإسناد".
(٣) في الغصون اليانعة أن ابن مضاء هو الذي كان سببًا في ترشيح ابن مروان للقضاء، وفي المعجب أن ابن مضاء ظل يتولى القضاء إلى أن مات فولي بعده ابن مروان المذكور.
(٤) في م: "حضرته".
(٥) زيادة يقتضيها السياق، ومحلها بياض في الأصل.
(٦) ما بين الحاصرتين سقط من م، وهو قفز من الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>