وأبي مَرْوان بن مسَرَّةَ، وأبي الوليد بن طَرِيف، وأجاز لهُ من أهلها: أبو القاسم ابنُ وَرْد، وأبو محمدٍ النَّفْزي المْرسِيّ.
ورَحَلَ سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، وحَجَّ وأخَذَ عن جماعة، منهم بمكّةَ شرَّفَها اللهُ: أبو بكرٍ محمدُ بن عَشِير بن معروفٍ الشِّرْوانيُّ، وأبو عليّ ابنُ العَرْجاءِ، وأبو الفَضْل جعفرُ بن زيد الطائيُّ، وأبو محمدٍ المبارَكُ ابنُ الطَّبّاخ، وأبو المُظفَّر الشَّيْبانيُّ قاضي الحَرَمَيْنِ وتدَبَّجَ معَه، وبالإسكندَريّة نزيلاها: أبو العبّاس السَّرَقُسْطيّ ابنُ الفقيه وأبو الطَّاهر السِّلَفيُّ وأكثَرَ عنه، فكان السِّلَفيُّ يقول: كتَبَ عنّي ألفَ ورَقة؛ ومنهم: أبو سَعدٍ حَيْدرُ بن يحيى الجِيليّ، وأبو العِزِّ سُلطانُ بن إبراهيمَ المَقْدِسيُّ؛ وقَفَلَ إلى بلدِه بفوائدَ كثيرةٍ وغرائبَ جَمّة.
رَوى عنه أبو الحَسَن بن مُؤمِن، وأبو الخَطّاب بنُ واجِب، وآباءُ عبد الله: التُّجِيبيّ وابنُ سَعِيد المُراديُّ وابن عبد الصَّمد القَلَنِّي، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وهو من طبقتِه. وقد حدَّث عنه أبو الحَسَن رَزِينُ بن مُعاويةَ بسيرةِ رسُول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - "تهذيبَ ابن هشام" عن السِّلَفيِّ، والسِّلَفيُّ يُحدِّث عن رَزِين بالإجازة، وهذا من طَرِيف الاتّفاق في الرّواية.
وكان محدّثًا حافظًا ثقةً عَدْلًا كاملَ العناية بروايةِ العلم وتقييدِه، حريصًا على استفادتِه مُشتغِلًا بصناعةِ الحديث، موصُوفًا بالذّكاءِ والفَضْل والتواضُع، نزيهَ الهِمّة كريمَ الطَّبع جليلَ القَدْر؛ خَرَجَ من قُرطُبةَ في الفتنة بعدَ الأربعينَ وخمس مئة فنَزَلَ إلْش ووَليَ الصلاةَ والخُطبةَ بجامعِها وأسمَعَ الحديثَ، ورُحِلَ إليه في السَّماع عليه رغبةً في الأخْذِ عنه.
قال أبو الحَسَن بنُ مُؤمن، وقد حدَّث عنه بحديث: نَقلتُ هذا الحديثَ من خطِّ أبي الحَسَن، وكان في آخِرِه بخطّ شيخِنا أبي القاسم ابن بَشْكُوال: سَمِع هذا الحديثَ المتقدِّم من لفظِ الشَّيخ الفقيه السيِّد أبي الحَسَن عليِّ بن محمد بن فَيْدٍ -أدام اللهُ بركتَه- خَلَفُ بنُ عبد الملِك ابن بَشْكُوال ضَحْوةَ يوم الجُمُعة غُرّةَ صَفَرِ أربعٍ وثلاثينَ وخمس مئة.