وقد وجَدْنا ابنَ عبد الملك في "الذّيل والتكملة" يعبّر عن نيته التفرُّغَ لبعض الموضوعات، قال متحدّثًا عن كتاب "أسانيدِ الموطإ" لأبي محمد القُرطُبي واستدراكِ ابن الأبّار عليه:
"وفي أمَلي التفرغُ لالتقاطه إن شاء الله، وأرى أنه محَلُّ استدراك، ومجال اشتراك، فقد وقَفْت على ما لم يَذكُراه، وعثَرتُ فيما طالعتُ على ما لم يَسطُراه، والإحاطةُ لله"(١).
هذا، وقد يكونُ ابن عبد الملك أشار إلى شيءٍ من مؤلفاتِه وتقاييدِه في الأسفار المفقودة في "الذّيل والتكملة".
ز - شعرُه ونثرُه ونَقْدُه:
أشَرْنا، في معرض الحديث عن ثقافة ابن عبد الملك، إلى عنايته بالأدب وأدواته، ويبدو أنه خلف ثروةً أدبيّة ولكنّها ضاعت ولم يبقَ منها إلا نماذجُ محدودة. قال النُّباهي:"وأوقَفَني ولدُه (أي: ولدُ ابن عبد الملك) صاحبُنا الفقيه أبو عبد الله على كثير من المكتوباتِ الصادرة عن أبيه القاضي أبي عبد الله ما بين منظوم ومنثور"، ثم أورَدَ قصيدةً لزوميّةً في الحَنين إلى أحبابِه في سلا.
كما أنّ ابنَ الزُّبير وَصَفَ ابن عبد الملك بأنه كان "أديبًا بارعًا شاعرًا مُجيدًا امتدح بعضَ كُبَراءِ وقتِه".
وقد عرَفْنا مما مضَى صِلتَه بالمِلْيانيِّ والي أغمات، ومَدْحَه إياه، ونقفُ في السِّفر الثامن على إحدى مدائحِه فيه، وهي قصيدة يغلِبُ عليه التكلُّف، وتلحَقُ بشعر الفقهاء، كما أنّ لزوميّتَه المشارَ إليها لا تقل عنها تكلّفًا وتصنّعًا.
ومن مظاهر هذا التكلّف والتصنّع في قريضِه أنه -حسَبَ النماذج القليلة الباقية- عبارةٌ عن تذييلٍ أو تسميط، كما أنه يجيءُ إمّا باقتراح أو إلزام.