للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَبَرُ بأنهُ وَصَلَ إلى الحجِّ وإلى دمشقَ رجُل مغرِبيٌّ فاضلٌ يُعرَفُ بالباجِيّ، وأثْنَوْا عليه خَيْرًا عندَه، وقد كان صاحبَ المدارس بمِصرَ أبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن ابن دِحْيَّةَ المذكورُ قبلُ بموضعِه من هذا المجموع (١)، توفِّي سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة، حسْبَما ذُكِر هنالك، فتَولَّى النظَرَ فيها مَنْ لا يَصلُحُ لها. ولمّا أُثني على أبي مَرْوان الباجِيِّ عندَ الملِك الكامل أراد صَرْفَ النظَرِ في المدارِس المِصْريّة إليه، فسأل عنهُ فأُخبِرَ أنه قد نَهَضَ إلى الحَجّ، فأمَرَ بالبحثِ عنه في جميع بلادِه وتلقِّي الرُّكْبانِ في شأنه والإحسانِ إليه وإفادِهِ (٢) عليه، فطُيِّرتِ الحَمامُ من بلدٍ إلى بلدٍ في الوَصَاة به.

فبَيْنا أبو مَرْوان قد قَدِمَ على قُوص، كما ذُكِرَ آنفًا، خَرَجَ إلى الرَّكْب قومٌ من قِبَلِ والي المدينة يسألونَ عنه حسْبَما أُمِروا به، فأُخبِروا بأنهُ في تلك القافلة، فاجتمَعوا به وساروا معَه إلى والي قُوص، وكان يُدعَى بابن زَغْبُوش، فألقَى إليه أمرَ الملِك الكامل في حقِّه وبالَغَ في إكرامِه والحِفايةِ به، ودَفَعَ له خمسينَ دينارًا مِصريّةً وأثوابًا من لِباس أهل تلك البلادِ فيها حرير، فأبَى أبو مَرْوانَ قَبُولَ شيءٍ من ذلك، وبعدَ لَأْيٍ ومُراجعةٍ طويلة قَبِلَ الدَّنانير على كراهة، ورَدَّ الأثوابَ وقَبَضَ تلك الدنانيرَ بعضُ خَدَمتِه وكان يُدعَى بابن مَذْكور؛ وسَمِعَه حينَئذٍ بعضُ خواصِّه، وهُو أبو الحَجّاج الأُبَّدِيُّ، وكان ممّن حَجَّ معَه، يدعو بدُعاءٍ قال فيه: اللهُمَّ اقبِضْني إليك قبلَ الاجتماع به.

ثم سار من قُوصَ في النِّيل إلى إخمِيمَ إلى مُنْيَةِ ابن خَصِيب، ولها مسجدٌ جامعٌ حسَنٌ على شاطئ النّيل، فقال أبو مَرْوان: قد كنت سَمِعتُ بهذا الجامع، وأُريدُ الصّلاةَ به، فصار إليه، فإذا فيه جماعةٌ اجتَمَعوا لقراءةِ العلم، فصَلَّى به الظّهرَ والعصرَ والمغرِب، ولمّا هَمَّ بالانصرافِ تعرَّضَه بعضُ أولئك الحاضِرينَ


(١) لم ترد ترجمته في باب "عمر" فهل في النسخ نقص؟
(٢) كذا بدل "وإيفاده".

<<  <  ج: ص:  >  >>