للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَفْتُ على نَسَبِه في خَطِّ ابنِه أبي الخَطّاب عُمرَ بغير موضِع، بتقديم مُطَرِّف على سَعِيد كما ذكَرْتُه، وعَكَسَه ابنُ فَرْتُون ومُقتفيهِ أبو جعفر بنُ الزُّبَير، فجَعَلا سَعِيدًا بينَ محمد ومُطَرِّف، وقَفْتُ على ذلك في خَطَّيهِما، وقد صَحَّح ابنُ الزُّبَير بخطِّه على سَعِيد الواقع عندَه بين محمد ومُطَرِّف، وذلك غَلَطٌ لا محالة، فقد وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي عبد الله نفسِه وقد كتَبَ بعدَ محمد: ابن مُطَرِّف بن سَعِيد (١)، ولم يزِدْ عليه، وإن كان يَحتملُ على بُعْد أن يكونَ مُطَرِّفٌ جَدًّا شُهِرَ به بيتُه فنَسَبَ نفْسَه إليه، لكنه يأبَى ذلك ما ذكَرْتُهُ من عمَل ابنِه أبي الخَطّاب، وبحسَب تقديمِ مُطَرِّف على سَعِيد في موضِع وعَكْسِها في آخَرَ وَهِمَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار فظَنَّهما رجُلَيْن وذكَرَهما في رَسْمَيْن (٢) جعَلَ بينَهما نحوَ مئةٍ وسبعينَ رَسْمًا، والصّحيحُ أنّهما واحدٌ كما بيَّنتُه فاعلَمْه، واللهُ الموفِّق.

رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي بكرٍ غالب بن عَطِيّةَ، وأبي عليّ بن سُكّرةَ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد. رَوى عنه ابنُه أبو الخَطّاب المذكورُ.

وكان من أهل العِلم بالحديث، وافرَ الحَظّ من الفقه، مقيِّدًا ضابِطًا، وكان عندَه أعلاقُ كُتُبٍ نَفِيسة عُني بضَبْطِها وأتقنَ تقييدَها، إلى ما كان عليه من التُّقى والانقباضِ والصَّلابة في الدِّين، ووفورِ العَقْل وحُسن السَّمتِ وصِدق الوَرَع، والمُواظَبة على تلاوة كتابِ الله تعالى والتهجُّد به؛ وقد ظَهَرت على يدِه كراماتٌ مأثورةٌ منها، وهو من تكَثير القليل: ما حدَّث به ابنُه أبو الخَطّاب المذكورُ قال: لمّا احتاجَ والدي إلى عَقْد نِكاح أُختي معَ متزوِّجِها، قال لي: يا عمر، كلِّمْ منَ الشُّهودِ والإخوان والجِيران مَن يَحضُرُ عَقْدَ النِّكاح، قال: فكلَّمتُ جماعةً من الناس، فلمّا كان من الغَدِ واجتَمَعوا أمَرَ باشتراءِ ثمن قِنطارٍ من حَلْواءَ ورُبع قِنطار من الكعك، فاشتُريَ ذلك، فلمّا حَضَرَ قلت: هذا ما لا يقومُ بمن


(١) الترجمة (٧٩).
(٢) التكملة، الترجمتان (١١٣٦ و ١٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>