ومن شعرِه ما أنشَدَنيه، ونقَلتُه من خطِّه [البسيط]:
أقصِرْ، ففي الحرصِ والتطويلِ للأملِ ... عَجْزٌ يؤدّي إلى التقصيرِ في العمَلِ
غَرَّ الغَرورُ بآمالٍ تكفَّلَها ... فهل تكفَّلَ بالتأخيرِ للأجَلِ؟
فشمِّرِ الذَّيلَ من هَزْلٍ لَهوْتَ بهِ ... عن ساقِ جِدِّك واخلَعْ بُردةَ الكسلِ
واعمَلْ لأُخراكَ في دُنياكَ مجتهدًا ... قبلَ الرحيلِ ولازِمْ أُهبةَ العَجلِ
وخيرُ زادِكَ تقوى الله في ظَعَنٍ ... فلْتَدَّخِرْ مِن تُقاهُ زادَ مُرتحِلِ
وأَيقظِ النفْسِ من نَوْماتِ غَفْلتِها ... بئسَ المُغرَّرُ من يُغْفي على وَجَلِ
لله قومٌ لحبِّ الله قد قَسَموا ... زمانَهُمْ قِسْمةَ المحبوبِ في الأزَلِ:
نهارُهُمْ لصيامٍ فيه متّصلٍ ... وليلُهم لقيامٍ غير مُنفصلِ
جُنوبُهمْ تَتجافَى عن مَضاجِعهمْ ... فلا تُرَى خَلْفَ أستارٍ ولا كِلَلِ
يَدْعونَ ربَّهمُ خوفًا وآوِنةً ... يَدعُونَهُ طَمَعًا، يا حُسْنَ منتقلِ!
كأنّهمْ بسَوادِ اللّيل قد كَلِفُوا ... فيَرفُلونَ من الظَّلماءِ في حُلَلِ
من حبِّها أسكَنوها في نَواظِرِهمْ ... فمن ظلام اللّيالي ظُلْمةُ المُقَلِ
كحَلْتَ عينَيْك كي تحظَى بكُحلتِهمْ ... (ليس التكحُّلُ في العينينِ كالكَحَلِ)
فاسهَرْ تَنَلْ نُورَ مَنْ أذكَى عيونَهُمُ ... في كُحْلةِ اللّيلِ نورٌ ليس في الكُحُلِ
أولئك القومُ نِعمَ القومُ قد شُغِلوا ... بالله حينَ الورَى بالنومِ في شُغُلِ
فاسمَعْ عَوِيلَهمُ واتْبَعْ سبيلَهمُ ... تسلُكْ بما سلَكُوهُ أفضلَ السُّبُلِ
ولْتُدْمِنِ القَرْعَ في بابِ الرجاءِ عسى ... أنْ يُفْتَحَ البابُ للرّاجي على مَهَلِ
يا ربِّ يا ربِّ هذي قطعةٌ صَدَرَتْ ... عن صَدْرِ مَنْ قطَعَ الأيامَ بالغَزَلِ