أو ابنَ خمس عشرة سنةً أو عشرين ثم يُعمَّر بعدُ ما شاء الله. إذن فإنَّ اختيارَ سنة الوفاة للترتيب أمرٌ غير بارئ من الخطإ.
وإذا شاء أحدٌ أن يبحثَ عن ترجمةٍ فعليه -على حسب ترتيبهم هذا- أنْ يفتِّش جميعَ التراجم الذين اشترَكوا معه في الاسم ويتتبَّعَها ترجمةً ترجمة وحرفًا حرفًا.
ثم إنَّ هؤلاءِ المؤلِّفين قد قدَّموا الأندلسيِّين وجاءوا بعدَهم في كلِّ بابٍ بأسماءِ الغُرباء، وجعلوا الأسماءَ في كلِّ باب على حسب الأكثر فالأكثر، وأفردوا للمفاريدِ من كلِّ حرف أبجدي بابًا على حِدَة. ولكنهم في تمييزهم للغُرباء خَرَجوا من عُرْف المُحدِّثين، فالذي يَنتقلُ من بلدٍ إلى آخَر يُنسَب إلى البلد الذي صار مُستقَرًّا له، كما إنَّ بعض الحروف لا يَرِدُ فيها غرباء؛ ولذا وَجَدَ من الأسلم أن يؤخِّر الغرباءَ إلى آخر الكتاب وُيفرِدَهم بالذكر بعد الانتهاء من ذِكْر الأندلسيِّين؛ ليكونَ ذلك أوضحَ لتمييزهم حتى لو شاء أحدٌ أن يَدرُسَ طبيعةَ المهاجرين إلى الأندلس وجدهم مجموعِين في نِطاقٍ على حِدَة.
وإذا كان منهجُ أولئك المؤلِّفين بعامّة تَعْتوره أخطاءٌ فإنَّ ابن الأبّار بخاصّة أشدُّهم تورُّطًا في الخطإ:
(١) لأنه عدَّ في الأندلسيِّين جماعةً من الناقلة إليها؛ إفراطًا في تعصُّبه للأندلس، ومن ذلك: قولُه في ترجمة أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصِف بعد أن ذَكَره في الأندلسيِّين: "مولدُه بتونسَ، وقيل: بالمهديَّة، وهو أصحُّ، وذِكْره في الغُرباء لا يَصلح؛ ضنانةً بعِلْمه على العُدْوة، وهذا شيء لا يليقُ بأهل الإنصاف وهو يشهدُ على صاحبه بالحَسَدِ المذموم واحتقارِ طائفة كبيرة من جلّةِ أهل العُدْوة".
(٢) لأنه أَدرجَ في كتابه أُناسًا عُرفوا بالصَّلاح والخير والاجتهاد في العبادة، ولكنهم لم يُعرَفوا بفنٍّ من فنون العِلم (وهو شَرْطُ الكتاب)، ومثلُ هؤلاء يُفرَد لهم كتابٌ خاص ولا تُدرَج أسماؤهم مع أسماء العلماء.