للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعرِه مُجِيبًا عن قصيدةٍ نَظَمَها أبو زيدٍ الفازَازيُّ (١) عن المأمونِ أبي العلاءِ إدريس ابن المنصُور، وبَعَثَ بها إلى النَّجم هلالِ بن مُقَدَّم الخلْطِيِّ أحدِ أُمراءِ العرب، وذلك من إشبِيلِتةَ، سنةَ خمس وعشرينَ وخمس مئة، لخبرٍ فيه طُول، مُقتضَبُه: أنّ أهلَ الحلِّ والعَقْدِ من أهل مَرّاكُشَ اقتضَى رأيُهم التَّدْبير الذي كان سببًا في خَرابِ بلدِهم وإبادة مُلكِهم، فرأَوْا خَلْعَ أبي محمد عبدِ الواحد بن يوسُف بن عبد المُؤْمن وتقديمَ ابن أخيه أبي محمدٍ عبد الله بن يعقوبَ المنصور، وتلقَّبَ أبو محمدٍ هذا بالعادل، ثم خَلَعوهُ وكتَبوا إلى أخيه أبي العلاءِ المأمون مُبايعِين، ثم استَبْطأوه فنكثوا عليه وبايَعوا أبا زكريّا يحيى الملقَّبَ بالمعتصِم ابنَ الناصِر أبي عبد الله أخي المأمون، فامتَعضَ المأمونُ لعمِّه أبي محمد ولأخيه العادل ولنفسِه، وجَمَعَ جُموعًا من أصنافِ الخَلْق من عرَب وبَرْبَر مُعظَمُهم هسكُورةُ، وهي قبيلةٌ من قبائلِ البَرْبَر الكائنينَ بشَرْقي مَرّاكُش، واستَنْصرَ بهم وبجَمْع (٢) من النَّصارى، وزَحَفَ بالجميع إلى مَرّاكُش، وتقابَلَ بظاهرِها معَ ابن أخيه أبي زكريّا، فكان الظَّفَرُ للمأمون، واستَوْلَى على مَرّاكُش، وقَتَلَ من أكابرِ الدّولة وصَناديدِها في مجلسٍ واحد صَبْرًا أزَيدَ من أربعينَ نَفْسًا، ثم استَحرَّ القَتْل فيمن شَذَّ عن ذلك المجلس منهم ومن قبائِلهم على طبقاتِهم، فقَتَلَ منهم أُلوفًا لا تُحصىَ كثرةً، وكانت فتنةٌ مُظلِمة وحوادثُ شَنيعة لذِكْرِها موضعٌ غيرُ هذا، وإنّما ألمَعْتُ بهذه النُّبذة من ذِكْرِها انجرارًا من إيرادِ قصيدتَي الفازَازيِّ والبَرنامَج؛ فكتَبَ أبو زيدٍ الفازَازيُّ عن المأمونِ إلى أبي النَّجم هلالٍ الخلْطِيِّ يُحرِّضُه على الطاعة (٣) [البسيط]:


(١) هو عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد الفازازي (ت ٦٢٧ هـ) , انظر التحفة (١٣٣)، وبرنامج شيوخ الرعيني (١٠١).
(٢) في ب: "واستنصر بجمع".
(٣) انظر القصيدة في البيان المغرب ٣/ ٢٦٠ (تطوان)، وكان هلال بن مقدم الخلطي قد بايع لأبي العلاء المأمون وصرح بأنه لن يتبع يحيى ولو سقاه كاس الحميّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>