للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عن أبي إسحاقَ ابن مُلْكون، وآباءِ بكر: ابن أزهَرَ وابن الجَدّ وابن مالِك، وأبي الحَسَن بن لَبّال، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن سيّد الكِنَانيِّ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن المَوَاعِينيّ، وأبي محمد بن عُبيد الله.

رَوى عنه أبو إسحاقَ التونُسيُّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو عبد الله ابنُ إبراهيمَ بن محمد بن عبد الجَليل بن غالِب، وأبو القاسم المَلّاحي.

وكان أديبًا شاعرًا مجُيدًا، كاتبًا محُسِنَا، بارعَ التصرُّف في منظوم الكلام ومنثورِه، شهيرَ التعيُّنِ عندَ أهل بلدِه، معروفَ القَدْر عندَهم وعندَ سواهم، ديِّنًا فاضلًا حَسَنَ السِّيرة؛ وشِعرُه في أمداح الملوكِ والرؤساء وغير ذلك كثيرٌ جيِّد، ونَظَمَ الكُرّاسَةَ القُزوليّةَ (١) في رَجَزِ ينزلُ عن نمطِ شعرِه، وأدرَكَه خَرَفٌ واختلاط بأخَرةٍ من عُمُرِه، وكان قد كتَبَ في شَبِيبتِه عن الأمير إسماعيلَ بن عبد المُؤْمن وحَظِيَ عندَه كثيرًا؛ ووَرَدَ مَرّاكُش وامتدحَ أُمَراءها.

حدَّثني الشَّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، رحمه الله، قال: لقِيتُه سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئةِ وأخَذْتُ عنه، ثم استَجَزْتُه سنةَ ستَّ عشْرةَ، فكتَبَ إليّ مُجِيزًا، وقال في أثناءِ مكتوبِه: قَسَمًا بما يكونُ به القَسَم، لقدِ استفتَحْتَ بابًا وإنه لَمغلقٌ مبهَم، واستنطَقْتَ أعجَميًّا ومن أينَ له أن يُفصحَ الأعجم؟! ونفَخْتَ حيث لا ضَرَم [البسيط]:

أُعِيذُها نَظَراتٍ منكَ صادقةً ... أن تحسَبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ

ثم قال بعدَ ذِكْر مَنْ ذكَرَ من أشياخِه: ولقد تركْتُ منَ الأشياخ من لا ينبغي أن يُترَك، ويجبُ أن يُتيمَّنَ بذِكْرِه وُيتبرَّك، غيرَ أن القِدَمَ والهَرَمَ والألم صرفَتْني عن الإسهابِ والتطويل، وما يُطيلُ شيخٌ له بعدَ نَوْماتِ العيون باللّيل نظرةُ تخبيل، وكَتْبُه تخييل، وعَيْشُه تنكيل، وقدِ اتّضحَ له من السبعينَ إلى الثمانينَ السبيل؟!


(١) ذكرنا غير مرة أن الكاف الأعجمية تُكتب بالقاف تارة وبالكاف تارة، وبالجيم تارة أخرى، وهي "الجزولية" المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>