للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما لا شك فيه أن النقل عن كل مورد من الموارد التي اعتمدها مؤلف النص يكون وحدة قائمة بذاتها، فيتعين على المحقق حينئذٍ أن يبدأ النقل بفقرة مستقلة يُنهيها عند الانتهاء من النقل.

وهنا تَكْمُن الصعوبةُ وتظهرُ براعةُ المحقق، وذلك لعدم وجود أسلوب واضح عند مؤلِّفي النصوص العربية في ذكر المصادر، فكان بعضهم يشيرُ إليها والآخرُ يغفلُ عنها.

وكان المؤلفون الذين يُعنون بذكر مصادرهم يستعملون عادة عبارات دالّة على بداية النقل مثل "قال" و"ذكر" و"وجدت بخط فلان" ونحوها. ويستعمل بعضُهم عبارات دالة على انتهاء النقل، نحو قولهم "انتهى"، أو "هذا آخر كلام فلان".

ولكن الصعوبة تظهر حينما لا يحدد المؤلف انتهاء النقل، فضلًا عن أن أكثر المؤلفين كانوا يذكرون المؤلف ولا يعينون الكتاب مما يخلق صعوبة في تعيين مواضع النقول.

ومن ذلك ضرورة تقييد النص بالحركات، لا سيما ما يلبس من الأسماء والكنى والأنساب والألقاب، وقد قال أبو إسحاق النَّجيرمي قبل مئين من السنين: "أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس لأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده شيء يدل عليه" (١)، ومن هنا بذل العلماء المسلمون جهودًا محمودة في تقييد من فيه أدنى اشتباه من أسماء الناس وكُناهم وألقابهم وأنسابهم وأسماء المواضع، باعتبار أن الأسماء شيء لا يدخله القياس، ليس هناك شيء قبلها يدل عليها ولا شيء بعدها يدل عليها، فليس لها إلا التقييد والضبط، سواء أكان التقييد والضبط بالقلم (يعني وضع الحركات فوق الحروف) أو التقييد والضبط بالحروف كما هو مشهور.


(١) المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي ١/ ٤٩ (ط. دار الغرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>