لم تُذكَرْ فيه أو قُرْبِه فتَعْظُم المشَقّة وتَبْعُد الشُّقّة، والرابع: ذِكرُها محدودةً باختصار كافٍ في تعريفِ أحوازِها من جزيرة الأندَلُس مُقيَّدةً، وذكْرُ ما وقَعَت إليه النِّسبةُ في هذا الكتاب من غير بلاد الأندَلُس شرقًا وغربًا مُرتَّبةً بحسَب الموجودِ منها على حروفِ المعجم، فرأيتُ ذكْرَ ذلك على هذا النّحو الرابع، وهو الذي اخترتُه وانتهى إليه رأي في بابٍ آخَرَ إن شاء الله.
وجمَعتُ هذا الكتابَ ممّا افترَقَ فيما لا أُحصيه عدَدًا من برامجِ رواياتِ الشيوخ الجِلّة أئمةِ هذا الشأنِ كلِّها وافيةً بالشروط المُعتبرة في توثُّق النَّقل منها، إذْ مُعظمُها بخطوطِ جامعيها، وسائرُها بخطوطِ المعتمَد عليهم من رجال هذا الفنِّ ومُقابلتِهم وتصحيحِهم، إلى ما نَقلتُه من مُقيّدات ذوي العناية بهذه الطريقة من موالدَ ووَفَيات، ورَفْع أنساب، وتبيين أحوالِ الرُّواة، وشبْهِ ذلك من الفوائد، معَ ما تلقَّيتُه من مشايخي الذين أخذتُ عنهم شَفاهًا وما التقَطتُه من طبقاتِ القراءات والأسْمِعة على الشّيوخ أو منهم، والتواريخ على تفاريقِ مقاصدِها، وكلُّ ذلك مما انسَحَبتْ عليه روايَتي بين سَماع وقراءة، ومُناولةٍ وإجازة، وغير ذلك من ضروب التحمّل.
وقد جَرى عملُ الأشياخ على تقديم إسنادِهم إلى مَنْ تقَدَّمهم من المُؤرِّخينَ لينسبُوا إليهم ما يَنقُلون عنهم إلى كتُبِهم هذه، ثم يُعقِّبونَ ذكْرَ من يَذكرونَ من الرُّواة أو بعضِهم بتعيين مَن ذكَرَه، وذلك رأيٌ رشيد وعمَلٌ صالحٌ سديدٌ أجَلُّ مُثْمَراتِه تبرُّؤُ الناقل من عُهْدةِ ما نَقَل، والإحالةُ به على ذاكرِه الأوّل، تقويةً للاحتجاج به، وتصحيحًا للاستنادِ إليه؛ لكنّي وجدتُهم لا يقومونَ بمقتضَى ذلك العملِ على التمام، فإنّهم يأتونَ بمن يريدونَ ذكْرَه فيرفَعونَ في نسَبِه، ويَذكُرونَ كُنْيتَه وشُهرتَه إن كانتا له، وَيعْزُونَه إلى قبيلتِه أو بلدِه أو إليهما، ويُعرِّفونَ من أمرِه ما يَستحسِنونَ إيرادَه، ثُم يُعقِّبونَ ذلك بقولهِم: وذكَرَه فلانٌ وقال: كان من أمرِه كَيْتَ وكَيْت، فكلُّ ما بَدَأوا به ذكْرَه إنّما هو من قِبَلِهم غيرَ مَعْزُوٍّ إلى