للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولاك بعدَ الله كانت ربوعُهُ ... يُجاوبُ في أرجائها الداعيَ الصَّدى

رفعتَ منارَ الدين فازداد نوور ... وضوحًا غدا الإسلامُ منه ممَهَّدا

وكانت دياجيرُ الضلالة أطبَقَتْ ... فأشعَلْتَ في ظَلمائها سُرُجَ الهُدى

بذَلْتَ لمرضاةِ الإله ووجهِهِ ... ولم تَبْغِ من جاه ولا اعتدتَهُ يدا

وما شئتَ إلّا أن تسُدَّ فضيلةً ... تَحُضُّ على الإتباع رأيًا مُسدَّدا

لِتَفْخَر بما شيَّدتَ سَبْتةُ من على ... أقام لها مجدًا أثيلًا مشيَّدا

غدَتْ مكةَ للغَرب (١)، كلُّ بلادِه ... لها حُسَّد، لا زِلنَ للحشرِ حُسَّدا

بنَيْتَ بها للمكرُماتِ معالمًا ... وأنبَطتَ فيها للمآثرِ مَوْردا

وصيَّرتَها للطالبِ العلمَ كعبةً ... يُلِمُّ بها من جاء يَبغيه مقصِدا

لمثلِ الذي أحرَزْتَ فلْيَجمع امرُؤ ... وفي مثلِ ما أنفقتَهُ يُبذلُ الجَدا

وما خيرُ مالِ لا يَرى المرءُ نفعَهُ ... إذا هو وافَى في القيامة مُفرَدا؟!

بحَسْبِك عند الله ذكْرًا مكرَّمًا ... مُعاداةُ من في الدِّين ضَلّ وألحَدا

حَرْمتَهمُ الفضلَ الذي عَمَّ نفعُهُ ... ذوي الفضل والتوحيدِ مَثْنى ومَوْحِدا

وحلّأْتَهم (٢) عن موردِ الفضل والعلا ... وقوَّضتَ من تضليلِهم ما تشيَّدا

فما بعدَها للمنطقيِّينَ رفعة ... وكيف [وقد] (٣) أوردتَ عزَّهمُ الرَّدى؟

بجُزِيتَ عن الإسلام] خيرًا ونلتَ ما ... تؤمِّلُ من رضوانِ ربِّ الورى غدا

[ولا زلتَ في مجدِ] وإقبالِ عزّةِ ... تَروحُ وتغدو في المعالي مُحَسَّدا


(١) ممن شبه سبتة بمكة ابن المرحل الذي يقول:
سلام على سبتة المغرب ... أخيّة مكة أو يثرب
(٢) يقال: حلأه عن الماء أي: طرده ومنعه.
(٣) كل ما بين حاصرتين كلام ممحو في الأصل ولعله كما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>