للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كشفتَ عن التنزيل حُجْبَ حقائقٍ ... وأبديتَها حتى لَأبصَرَها الأعمى

فكم آيةٍ أوضَحْتَ خافيَ سرِّها ... فلاحَ سَناها للنُّهى قمرًا تَمّا

وكم مُشكلٍ حلَّيتَهُ بلطائفٍ ... من الفِكْر، لولاها لأوسَعَنا كتْما

وأبدَيتَ في عِلم الحديثِ غَوامضًا ... وحلَّيتَها الأوضاحَ إذْ غودرَتْ بُهْما (١)

إذا ما اعتمدتَ النقلَ فالبحرُ زاخرٌ ... وقَدْرُك أعلى أن أقيسَ به اليمّا

ومهما نحَوْتَ الرأي فالزَّندُ ثاقبٌ ... فسهمُكَ إن تُرسِلْه في غرضٍ أصمى

لكَ الهمّةُ العُليا فلا ترضَ خُطّةً ... ولو عَظُمت قَدْرًا فزاحَمتِ النَّجما

طُبِعتَ ذَكاءً إذْ فؤادُك جَذْوةٌ ... تأجَّجُ لم تطعَمْ ضِرامًا ولا فَحْما

حوى من فنونِ العلم ما أعجَزَ الوَرى ... فلله منها ما حَواهُ وما ضَمّا

تبارَكَ من سَوّاكَ خَلْقًا وقد حَشَا ... فؤادَك ........................

وأيَّدَ منكَ النُّطقَ بالحِكَم التي ... على كلِّ قلبٍ خائفٍ [وقعَتْ سِلما]

أيا ديمةً تنهَلُّ سَكْبًا بكلِّ ما ... يُروِّي العِطَاشَ الِهيمَ منا ....

لقد رَوَّضتْ منّا القلوبَ وأطلَعَتْ ... بها ثمَرَ التقوى فتهنئُنا ....

لطائفُ وَعْظٍ بل هي السحرُ كلَّما ... سَمِعناه أيقاظًا ظننّا بنا حُلْما

وأرواحُ أذكارٍ تلاقَتْ جسومُنا ... بها فكأنّ الرُّوحَ ماسكٌ [الجِسما]

وإنّ لواءَ الفقرِ لمّا نشرتَهُ ... مشَى الفقراءُ تحتَه كلُّهمْ قُدْما

أريتَهمُ التحقيقَ حِسًّا فأدرَكوا ... ولم يَطمَعوا أن يُدرِكوا كُنهَهُ وَهْما

بعلمِكَ عَزُّوا فالزّمانُ وأهلُهُ ... لهمْ أصبحوا حَرْبًا فصاروا لهمْ سِلما

فكلٌّ -لَعَمْري- أُشرِبَ الفقرَ قلبُهُ ... ولهوُ الغِنى للنفسِ يا خيرَ ما أمّا


(١) الأوضاح: حلي من فضة، وبهم: مظلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>