للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلًا وسهلًا بمَن أهدَتْه بغدانُ ... ومرحبًا مَرْحبًا حيّاهُ رضوانُ

[إنْ فارَقَ] الرَّيَّ رَيّاها لفُرقتِهِ ... وأخرِسَتْ بعدَه حُزنًا خُراسانُ

[أو] واصَلتْ مَوصِلٌ فيه الأسى وبهِ ... قد غادرت قلبَها حَرّانَ حَرّانُ

وصيَّرت عَيْشَها كالشريِ مِن وَلَهٍ ... وكان كالأرْيِ حُلوًا منه حُلوانُ

وعمَّ مَن بعُمانَ الشّجوُ واتّسمت ... من بعدِ نعمتِها بالبُؤس نُعمانُ

وفاهَ هاتفُ وادٍ للأراكِ متى ... أراك تدنو وهل للقُربِ إمكانُ

والطَّلحُ عاد طُلَيْحًا من تلفُّتِه ... وأنّ إذْ بانَ يشكو بيْنَهُ البانُ (١)

فإنّ حضَرْتَنا تفتَرُّ من جَذَلٍ ... به إذا فرِحت ما ضَرَّ لَهْفانُ

أمَا سمِعتَ بقولِ ابن الحُسَين (٢) وما ... قد جاء في الشِّعر حُكمٌ وهو تِبيانُ؟

إيهِ رَعَى اللهُ إخوانًا به سَمَحوا ... لنا فنحن لهُ في الدِّينِ إخوانُ

ونحن جيرانُهُ من بعدِ جيرتِهِ ... ببابِ جيرونَ لا يفقدهُ جيرانُ (٣)

وما إخالُكِ يا بغدادُ عن مللٍ ... رَمَت بهِ منكِ نحو الغَرْب أوطانُ

لكنْ جَرى القلمُ الأعلى بذاكَ وما ... أجراهُ يَجري ولا يعدوهُ إنسانُ

إنّي سمَحتُ بعِلقٍ نظمُهُ دُرَرٌ ... من المعارفِ لا درٌّ وعِقيانُ

بحرٌ ولكنّهُ عذبٌ جَواهرُهُ ... أصدافُها شقَّقتْها منه أذهانُ

يُبدي الجَليَّ من المَخْفيِّ منطِقُهُ ... كأنّ ألفاظَه للسِّحر خَزّانُ

معنًى رقيقٌ ولفظٌ زانَهُ زجَلٌ ... جَزْلٌ يُسدِّدُه للعقل برهانُ


(١) بغدان: لغة في بغداد، والري وخراسان والموصل وحران وحلوان وعمان ونعمان والأراك والطلح: أسماء بلدان وأماكن معروفة وللممدوح بها صلة، ولجأ إليها الشاعر للتلاعب بالجناس.
(٢) لعله يقصد به المتنبي ويشير إلى قوله الجاري مجرى الأمثال: مصائب قوم عند قوم فوائد.
(٣) يشير إلى مقام الشاعر في دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>