للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي العبّاس بن مبشّر بن سُرور مَوْلى الحمّاديِّينَ، وأبوَيْ محمد: عبدِ الحقّ ابن الخَرّاط ببِجَايةَ وغَلْبون بمُرْسِيَة.

رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن غَلْبون، وأبو الحُسَين بن عبد الله بن عبد الرّحمن السِّجِلْماسيُّ مُستوطِنُ أَزْمُور، وأبو عبد الله بنُ عليّ بن هشام شيخُنا، وأبو العبّاس ابن فَرتُون، وأبوا محمد: ابن عبد الرّحمن ابن بُرطُلّه، وابن موسى الرُّكَيْبيُّ.

وكان أديبًا، بارعَ النّظم والنّثر، نَزِهَ النَّفْس، حَسَنَ الخُلُق، ذا حظّ صَالح من الفقه وأصُولِه، متحقَقًا بالنّحو، متقدِّمًا في حفظِ اللّغاتِ والآداب، ضابطًا كُتبه، محافظًا عليها، جيِّدَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ تقييدَه، ولم يزَل النَّاسُ يتنافسونَ فيما يوجَدُ بخطِّه أو بمعاناتِه، ويعتمدونَه، وصنَّف في اللّغاتِ والتاريخ والآدابِ وما جَرى مجرى ذلك مصنَّفاتٍ، منها: ["الإعلام بفوائدِ الأحكام"] لعبد الحقّ، و"شرْحُ قصيدةِ عُمرَ بن أبي ربيعةَ: أمِن آلِ نُعْم"، و"شرحُ: مقصورةِ ابن دُرَيْد"، و"الدُّبَاجة في أخبارِ صُنْهاجة"، وهذا الكتابُ غيرُ "النُّبَذ المحتاجة في أخبارِ صنْهاجةَ بإفريقيّةَ وبِجَاية". وديوانُ نَظْمِه ونَثرِه حافل، [وقد وقَفْتُ عليه] ومنه جزءٌ سمّاه "عُجالةَ المودعِّ، وعُلالةَ المشيِّع"، وكلُّه أو جُلُّه صَدَرَ [عنه أيامَ] كونِه بمُرْسِيّةَ، أفاد به بعضُ أصحابِه، وسَمّط قصائدَ وقِطَعًا [لجماعةٍ من] الشّعراء ظهَرتْ فيها إجادتُه، وعَكَفَ عامَّة عُمرِه على استفادةِ العلم [وإفادتِه]. واستُقضيَ بالجزيرة الخَضْراء وبسَلا سنةَ ثِنتَيْ عشْرةَ وست مئة، وبأَزْمُور (١) [كما] استُقضيَ بمُرْسِيَةَ، فحُمدت فيها كلِّها سِيَرهُ، وشُكرت أحوالُه، وعُرِف بالعدل وتمشيةِ الحقّ والجَزالةِ والطّهارة.


(١) في مفاخر البربر: ٦٥ أنه ولي قضاء أزمور في مدة أمير المؤمنين المستنصر، وذلك في سنة ٦١٦ هـ وفي الروض المعطار (مادة أزمور) حكايته وقعت بينه وبين محمد بن عقيل بن عطية وقد مر هذا بالمترجم وهو قاض بأزمور فلم يحسن لقاءه فعاتبه ابن عطية بقصيدة جيدة أولها:
ألا أيها القاضي الذي خلت عهده ... تحول الليالي وهو ليس يحول
وفي صلة الصلة أن المترجم "ولي قضاء رباط تازا".

<<  <  ج: ص:  >  >>