للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَفْتُ على بعضِ ما دوّن من شعرِه في مجلَّدينِ متوسِّطين، ومنه في الغَزَل

[من الكامل]:

شِعري وعشقي والحبيبُ ثلاثةٌ ... بَهَروا فما لَهمُ وحقِّك رابعُ

فهمُ نظائرُ لا تفاضُلَ بينَهمْ ... كلٌّ لأوصافِ المحاسنِ جامعُ

ولمّا تغَلَّبَ الرُّومُ على صِقِلِّيّة خرَجَ منها سنةَ أربع وسبعينَ (١) وأربع مئةٍ ووَرَدَ إشبيلِيَةَ على المعتمِد أبي القاسم محمد بن عَبّاد في ربيعٍ الأوّل سنةَ خمس وسبعينَ (٢)، فحَظِيَ عندَه حُظوةً تامّة، وبالَغَ في الاحتفاءِ به، وله معَهُ أخبارٌ مُستطرَفة، منها: أنه حضرَ يومًا مجلسَ المعتمِد وقد أُدخِلَ عليه جُملةٌ وافرةٌ من دنانير الفضة فأمَرَ له بخريطتَيْن منها، وكانت بين يدَي المعتمِد صُوَرٌ صِيغت من عَنْبر من جُملتِها صورةُ جَمَلٍ مرصَّع بنَفِيس الجوهر، فقال له أبو العَرَب مُعرِّضًا: ما يَحمِلُ هذه الدنانيرَ أيّدَك اللهُ إلا جَمَل! فتبسَّمَ المعتمِدُ وأمَرَ له به، فابتدَأَ أبو العَرَب مُرتجِلًا [من البسيط]:

أجدَيْتَني جَمَلًا جُونًا شَفَعتَ بهِ ... حِملًا من [الفضّة البيضاءِ لو حُمِلا]

نِتاجُ جُودِك في أعطانِ مكرُمةٍ ... لا قد يُعرَّفُ [من مَنْع ولا عُقِلا]

فاعجَبْ لشأني فشأني كلُّه عجَبٌ ... رفَّهتني فحملتُ [الحِملَ والجَمَلا] (٣)

وله من قصيدةِ يمدَحُه بها ويَذكُرُ قبضَه على أبي بكر بن [عَمّار] [من الطويل]:

كأنّ بلادَ الله كفّاكَ إن يَسِرْ ... بها هاربٌ تَجمَعْ [عليه الأناملا]

فأين بفِرُّ المرءُ عنك بجُرمِهِ ... إذا كان يَطوي في يدَيْك [المَراحلا] (٤)


(١) كذا في الأصل، وفي التكملة: "أربع وستين وأربع مئة"، وهو الصواب.
(٢) كذا في الأصل، والصواب: "وستين".
(٣) ورد الخبر في الذخيرة ٤/ ٢٠٩، وبدائع البدائه: ٣٧٣ وغيرهما.
(٤) الذخيرة ٤/ ٢٠٩، والخريدة ٢/ ٢٢١ وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>