للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عنه ابنُه أبو موسى عيسى (١). وكان محدِّثًا راويةً عَدْلًا ضابطًا فقيهًا حافظًا رأْسًا في الفُتْيا، متقدِّمًا في الأدب، من بيتِ علم وجَلالة ورياسةٍ وأصالة.

ولمّا خرَجَ من الصحراء إلى المغرِب أبو بكر بنُ عُمرَ اللَّمْتُونيُّ ووَصَلَ إلى السُّوس ومعَه يوسُفُ بن تاشَفين قائدُ أعِنّتِه، وذلك سنةَ إحدى وستينَ وأربع مئة سافَرَ من فاسَ أبو الحَجّاج هذا إليهم حتى لحِقَهم بالسُّوس وأهدى إلى يوسُفَ بن تاشَفين عَيْبةَ ثياب وسَرْجًا صبريًّا، فأراد مكافأتَه على ذلك فأبَى عليه وقال له: ما أنا بتاجر ولكنّ زَناتةَ أهلُ جَوْر عندَنا وأنتم تملِكونَ بلادَنا فأردتُ معرفتَك، ثم انصَرفَ إلى فاس، ووَرَدَ أبو بكر بن عُمَر بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ فاسَ في صَفَرِ اثنَيْنِ وخمسينَ وأربع مئة وأخرج منها زَناتةَ ثم انصَرفَ عنها وترَكَ فيها جُندَه فتغلَّبَ عليهم زَناتةُ ودخَلوا فاسَ أقبحَ دخول وتداوَلوها إلى أن ورَدَها يوسُفُ بن تاشَفينَ بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ في ذي الحجة عامَ اثنينِ وستينَ وأربع مئة فألفَى بها قاضيًا أبا الحَجّاج هذا على القَرَويِّينَ منها فنقَلَه إلى قضاءِ مِكناسةِ الزّيتون ثم بعدَ بُرهة من الزمان قدَّمه لقضاءِ الجماعة بمَرّاكُش -أرى ذلك في عام أربعةٍ وسبعينَ وأربع مئة- وأجاز معَه إلى جزيرةِ الأندَلُس، وحضَرَ معَه الزَّلّاقةَ عامَ تسعةٍ وسبعينَ وأربع مئة، وكان عندَه حظِيًّا مقبولَ الإشارة معتمَدَ الرأي مسموعَ القول.

وكان معَه أبو عبد الله محمدُ بن سَعْدون بن عليّ القَيْروانيُّ (٢) يَعزِلُ برأيِهما جميعًا منَ أشارا عليه بعَزْلِه [من القضاة ويُبقي] من أشارا عليه بإبقائه.

ولمّا وَرَدَ الخبَرُ من الصّحراء [بموتِ أبي بكر بن عُمر بن] إبراهيمَ اللَّمْتُونيِّ، وكان الأميرُ يوسُفُ بن تاشَفين بن إبراهيمَ [غازيًا في مكانٍ] يُعرَفُ بفَجّ


(١) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (٥٠).
(٢) ترجمته في ترتيب المدارك ٨/ ١١٢، والصلة البشكوالية (١٣٢٢)، وتاريخ الإسلام ١٠/ ٥٤٩ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>