تلَتْ على أبيها القرآنَ بحرف نافع، ثم استَظْهرتْ عليه "تنبيهَ" مكِّيّ و"شِهابَ" القُضَاعيِّ و"مختصرَ" الطُّلَيْطُليّ، وقابَلَتْ معَه ["صحيحَ] مسلم"، و"السِّير" تهذيبَ ابن هشام، و"كاملَ" المُبرِّد، و"أماليَ" القالي، وغيرَ ذلك، وسمِعتْ من لفظِه كثيرًا وحفِظت من شعرِه في الزّهد، وتلَتِ القرآنَ على أبوَيْ عبد الله: الأَنْدَرْشيِّ الزاهد، وابن المُفضَّل الكفيف.
حدَّث عنها ابنُها أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، تلا عليها القرآنَ بقراءة وَرْش وقرأَ عليها ما عَرضَت على أبيها من الكُتُب، وسمِعَ منها غيرَ شيء، وأجازت له بخطها وقال: أظُنُّ أبا مَرْوانَ بن مسَرّ أجاز لها، فإنهُ الذي سَمّاها ودَعَا لها، حمَلَها إليه أبوها يومَ ولادتِها. وتوفِّيت سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وسمت مئة.
أنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعيني قال (١): [أنشَدَني أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، قال]: أنشَدتْني والدتي فاطمةُ أُمُّ الفتح قالت: أنشَدَني [أبي] أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمد بن غالبٍ لنفسِه [من المتقارب]:
سئمتُ الحياةَ على حبِّها ... وحُقَّ لذي السُّقْم أن يَسأَما
فلا عيشَ إلا لذي صحةٍ ... تكونُ له للتُّقى سُلَّما
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد أنشَدتُها على شيخِنا العَدْل أبي القاسم أحمدَ بن محمد البَلَويِّ، عن ناظمِها فيما أذِنَ لي في روايتِه عنه، وأنشَدتُ على شيخِنا القاضي أبي الوليد محمد بن إسماعيلَ بن عُفَيْر، عن أبيه، لنفسِه زيادةً عليهما
[من المتقارب]:
ولا داءَ إلا لمَن لم يزَلْ ... يُقارفُ في دينِهِ مأثَما