للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، وكان أبو الحُسَين محمدُ بن محمد بن زَرْقُون يَستحسنُها وَيستجيدُ نَظْمَها، وهي [الطويل]:

رأيتُ أُناسًا قَرَّبوا بالمنازلِ ... قوانينَ عِلم الفجرِ للمتناوِلِ

فقالوا مقالًا لا حقيقةَ عندَهُ ... فلم يَحْلُ منه السامعون (١) بطائلِ

يُرِيكَ عِيانُ الأمرِ غيرَ الذي أرَوْا ... فيصبحُ ذو عِلم بها مثلَ جاهلِ

فكم أطْلعوا من منزلٍ غيرَ طالعِ ... وكم أغربوا من منزلٍ غيرَ آفلِ

وكم وَسَّطوا ما لا يُرى متوسِّطًا ... وللفجرِ تِبيانٌ جَلِيُّ الدّلائلِ

فدونَكَ منها ما توسَّط دونَ ما ... له في خلالِ (٢) الأُفْقِ وَطْأةُ نازلِ

على مذهبِ الأرصادِ والنظَرِ الذي ... أثارَتْهُ آراءُ الرجالِ الأفاضلِ

تتبَّعتُ منها النيِّراتِ ولم أكُنْ ... لآخُذَ منقوصًا بحضرةِ كاملِ

فقيّدتُ ذا الإشراقِ من كلِّ منزلٍ ... وأهمَلْتُ رَسْمَ الخامل المتضائلِ

ومهما تَساوَى النُّورُ فيها فواحدًا ... قنَصْتُ فلم تُفلتْه كِفَّةُ حابلِ

ويبْدو لكَ المأخوذُ منها حقيقةً ... بما قُلتُه في طالعاتِ المنازلِ

وما قلتُه من قبلُ في غارباتِها ... فذلك يبدو جَهرةً للمُزاولِ

ولا بدَّ من عِلم بعَرْضِ مدينةٍ ... أُقيمَ بها حُسبانُها غيرَ مائلِ

ثلاثونَ جُزءًا قَدْرُه ثم سبعةٌ ... ونصفٌ حسابًا ثابتًا غيرَ حائلِ

فها أنا أُبدي الحقَّ حيثُ علِمتُه ... وأستعصمُ الرحمنَ من كلِّ باطلِ

إذا مرَّ يومٌ من أغشَّتْ توسَّط (٣) الرِّ ... شاءُ ونورُ الفجر ضافي الغلائلِ


(١) في ق: "السابقون".
(٢) في ق: "حلال".
(٣) في ق: "توسطت".

<<  <  ج: ص:  >  >>