للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن الفَضْل بن منصُور بن أحمدَ بن يونُس بن عبد الرحمن بن اللَّيث بن عبد الرحمن بن المُغيث (١) بن عبد الرحمن بن العلاءِ بن الحَضْرَميِّ صاحبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عاملِه على البحرَيْن، وأبو القاسم مَخْلوف بن جارة.

رَوى عنه ابنُه أبو بكر عَتِيقٌ، وأبو جعفر بن عليّ بن عَيْشُون، وأبو عبد الله بن الحَسَن ابن التُّجِيبي.

وكان أعلمَ أهل زمانِه بالعلوم القديمة وبالتعاليم منها خصوصًا، ماهرًا في العربيّة، وافرَ الحظّ من الأدبِ، يَقرِضُ يسيرًا من الشِّعر فيُجيدُ فيه، متحقِّقًا بأصُول الفقه، ثاقبَ الذّهن، متوقِّدَ الخاطر، غَوّاصًا على دقائق المعاني، بارعَ الاستنباط، وَرَدَ مَرّاكُشَ مُستدعًى إليها من قِبَلِ المنصور أبي يوسُف، فحَظِي عندَه وجَلَّت منزلتُه ونال عندَه وعندَ ابنِه الناصِر أبي عبد الله بعدَه جاهًا عريضًا، وكان من أجلِّ من يحضُرُ مجلسَهما من أهل العلم، وقَدَّمه المنصورُ للشُّورى والفَتْوى في القضايا الشّرعية، فكانت الفتاوى في نوازلِ الأحكام تَصدُرُ عنه فتَبلُغُ القاضيَ الحافظَ أبا لعبّاس بن محمد بن عليِّ بن جَوْهر الحَصّار فيَنسُب كلَّ فتْوى إلى قائلِها من أهل المذهب المالكي، وكثُرَ ذلك منهما، فأُنهيَ إلى أبي جعفرٍ فقال: ما أعلمُ مَن قال بتلك الأقوال التي أُفتيْ بها، ولكنّي أُراعي أصُولَ المذهب فأُفتي بما تقتضيه وتدُلُّ عليه، فكان يُقضَى العَجَبُ من حِذْق أبي جعفرٍ وإدراكِه وجَوْدةِ استنباطِه، ومن حفظِ أبي العبّاس وإشرافِه على أقوالِ الفقهاء وحضورِ ذكْرِه إيّاها، وكان العَجَبُ من أبي جعفرٍ أكثر، وقد قُيّد عنه من أجوِبتِه على المسائل الفِقهيّة وغيرها الكثيرُ الحَسَن البديع.

ولمّا امتُحِن أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ وأبو الوليد محمدُ بن أحمد بن رُشْد محِنتَهما المشهورةَ حسبَما سنُلمعُ بنُبذة منها في رَسْم أبي الوليد إن شاء الله، لَحِق


(١) بعد هذا في ق: "بن عبد الرحمن بن المغيث" ولا تصح، وتنظر ترجمة عبد الرحمن والده في إكمال ابن نقطة ٤/ ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>