وكما كان العَبْدريُّ أولَ مَن عرَّف ابن دقيق العيد بابن عبد الملك -وهو التعريف الذي قيّده ابن دقيق العيد على عادتِه في تقييد ما يسمعُه أو يُمليه- كان أَيضًا -فيما نُرجِّح- أولَ من حَمَلَ إليه إجازته له ولبعض أماليه إليه، وقد يدُلّنا على ذلك اشتراكُ الرجلينِ: العَبْدريِّ وابن عبد الملك في التحديث ببعض هذه الأمالي عن ابن دقيق العيد. ولا نعرفُ الآنَ هل كانت الإجازةُ ابتداءً أم بسؤال من ابن عبد الملك مباشرةً أو بواسطة العَبْدريّ.
أمّا ابنُ رشيد فقد ذَكَرَ اسمَ ابن عبد الملك وابنِه أبي القاسم في الاستدعاء الكبير المؤرَّخ في رجب عام ٦٨٤ هـ، وهو الذي استدعَى فيه الإجازةَ من علماء الشرق، لنفسِه ولأولاده وأقاربه وطائفةٍ كبيرة من أهل المغرب والأندلس وإفريقيّةَ ومن غيرهم، ويبلغ عدَدُهم ما يقرُبُ من ١٢٠ عَلَمًا، واستجاب لهذا الاستدعاء بكتابة الإجازة للمذكورينَ: عبدُ العزيز الحَرّاني، وأحمدُ بن عبد الله الجزائري، وخليلٌ المراغي، وأبو بكر بن عُمر القُسَنْطيني، وعبدُ المؤمن بن خَلف الدِّمياطي، وابنُ الخِيَمي، وعبدُ الوليّ بن بحتر البَعْلَبَكِّي، وعمادُ الدين الصّفّار، ومحمدُ بن يحيى القُرَشَي، وعبد الله الإسعردي، والفضلُ بن رَواحة، وعبدُ الرحيم بن يوسُف الدّمشقي، وابنُ الأنماطي، وأبو البدر بنُ أبي الزَّين المِصري، وعبد الرحيم بن عبد المُنعم الدَّمِيريّ، وشعبانُ الخِلاطي، وأُمُّ الفضل زينبُ بنت عبد اللطيف البغداديّ، ومحمدٌ ابن الخُراسانيِّ التِّلِمْسانيُّ، ومحمد بن يحيى الشَّيباني، وأحمدُ بن عيسى البُلْبيسيّ، وعليُّ بن عبد الكريم الدِّمشقي، وغازي الحلاويّ، وعليّ بن محمد المعروفُ بالبديع، والملك نجمُ الدِّين الأيوبيّ، وعبدُ المُنعم بن يحيى الخَطيب ابن بَدْران، وعليُّ بن عبد الرّحمن النابُلُسيّ، وأبو عبد الله جمالُ الدِّين قاضي نابُلُس، وإبراهيمُ بن عبد العزيز اللّوري، وعبد الرّحمن بن يوسُفَ البَعْلَبَكّي، وعُمرُ بن يحيى الكَرَجي، ومحمَّد بن خالد بن حَمْدون، وعليّ بن أحمدَ المقدِسيّ (١).
(١) راجع الاستدعاء الكبير في رحلة ابن رشيد ٣/ ٤٦٤.