أُدافعُ هَمّي عن جوانبِ هِمّتي ... وتَأْبى همومُ العارفينَ على الدّفْعِ
وأَلتمسُ العُتْبى وحيدًا وعاتبي ... وصَرْفُ اللّيالي والحوادثُ في جَمْعِ
وإنّيَ مِن عَزْمي وحزمي وهِمّتي ... (وما رُزِقَتْه النفْسُ من كرَم الطّبعِ)
لَفي منصِبٍ تعلو السماءَ سِماتُه ... فتَثبُتُ نُورًا في كواكبِها السَّبعِ
غلا صَرْفُ دَهْري إذ علا فإذا بهِ ... تُرابٌ لنَعْلي أو غُبارٌ على شِسْعي
تدرَّعتُ بالصَّبرِ الجميل وأجلَبَتْ ... صُروفُ اللّيالي كي تُمزِّقَ لي دِرعي
فما ملأَتْ قلبي ولا قَبَضَتْ يدي ... ولا نَحتَتْ أصلي ولا هَصَرتْ فَرْعي
فإن عَرَضَتْ لي لا يَفُوهُ بها فمي ... وإن زَحَفَتْ لي لا يَضيقُ لها ذَرْعي
في ثالثِ هذه الأبيات تضمينٌ، وهُو عند النُّقادِ عيب، وأنَّث السَّبْعَ في قافية الرابع غَفْلةً وحُكمُها التذكير.
قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ (١) رحمه الله: ونقَلتُه من خطَه وقرأتُه عليه: دخَلتُ عليه بمُرْسِيَةَ وبينَ يدَيْه شَمامةُ زَهْر، فأنشَدَني لنفسِه [الطويل]:
وحاملِ طِيبٍ لم يُطيَّبْ بطيبِهِ ... ولكنّه عندَ الحقيقةِ طِيْبُ
تألَّفَ من أغصانِ آسٍ وزَهْرةٍ ... فمِن صِفَتَيْه زاهرٌ ورَطِيبُ
تعانَقَتِ الأغصانُ فيه كما التَقَى ... حبيبٌ على طُول النَّوى وحبيبُ
وإنّ الذي أدناهُ بعدَ فِراقِهِ ... إليَّ لَسِرٌّ في الوجودِ عجيبُ
مناسبةٌ للبَيْن كان انتسابُها ... وكلُّ غريبٍ للغريبِ نَسيبُ
فبالأمسِ في أشجارِه وبدارِهِ ... وباليومِ في دارِ الغريب غريبُ
(١) المصدر السابق (٦٢).