للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٢ ب] كأنّ كمالَ الفَضْل كان يَسوءُهمْ ... فأبدَوْا على نَقْصٍ هوى متهالكِ

كأنّهمُ مُستبطِيّونَ ليومِهِ ... كما استَبطَأَ المصبورُ هَبَّةَ باتكِ

كأنهمُ مُستمطِرونَ لعارضٍ ... كعارضِ عادٍ للتجلُّدِ عاركِ

بلى إنهمْ قد أرهَصوا لرَزِيّةٍ ... تُضعْضِعُ رُكنَ الصابرِ المتمالكِ

فقد كان ما قد أنذَروا بوقوعِهِ ... فهل بعدَهُ للدهرِ صَوْلةُ فاتكِ؟

مُصاب مُصيبٌ للقلوبِ بسَهمِهِ ... رُمِي عن قِسِيٍّ لليالي عَواتكِ (١)

بكَتْ حُزنَها الغَبْراءُ فيه فأَسعَدتْ ... بأدمُعِها الخضراء ذاتُ الحبائكِ (٢)

على عَلَمِ الإِسلامِ قامتْ نوادبٌ ... بِهُتْنِ مَبَاكٍ أو بِهُتْمِ مضاحكِ

فمِن سُنَّة سَنَّتْ على الرأسِ تُرْبَها ... ومَكرُمةٍ ناحَتْ لأكرمِ هالكِ

ومن آيةٍ تَبكي مُنوّرَ صُبحِها ... إذا قام في جُنحٍ من اللّيل حالكِ

ومن حكمة تَرثي لفَقْدِ مُفَجِّرٍ ... ليَنبوعِها السَّلسالِ في الأرض سالكِ

فيا أسَفي! مَن للهُدى ورسُومِهِ ... ومَن لِمُنيخٍ عندَ تلك المَباركِ

ومَن لِلِواء الشَّرع يرفَعُ خَفْضَهُ ... ويمنَعُ من تمزيقِه كفَّ هاتكِ

ومَن لكتابِ الله يَدرُسُ وَحْيَهُ ... ويَقبِسُ منه النُّورَ غيرَ مُتاركِ

ومَن لحديثِ المصطفى ومَآخذٍ ... يُبيِّنُها في فَهْمِه ومَتارِكِ

ومن ذا يُزيلُ اللَّبْسَ في متشابهٍ ... ومن ذا يُزيحُ الشّكَّ عن مُتشابكِ

ومَن لليراعِ الصُّفرِ طالَتْ بكفِّهِ ... فصارَتْ طِوالُ السُّمرِ مثلَ النّيازكِ

ومَن للرِّقاعِ البِيضِ طارتْ بذِكرِهِ ... فجابتْ إلى الأملاكِ سُبْلَ المسالكِ


(١) عتكت القوس: احمرت من القدم وطول العهد فهي عاتكة.
(٢) الخضراء: السماء، الحبائك: الطرق، أي: طرق النجوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>