للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الزّبير نفسُه. وقد نوَّه بهذا العمل الرّحّالةُ العَبْدَريّ وأبو الحَسَنُ المطماطيُّ، وفَخَر به ابنُ عبد الملك فخْرَ متحدِّث بنعمة الله عليه فقال: "وقد عُنيت بالجمع بين هذين الكتابَيْن مضافَيْن إلى سائر أحاديثِ الأحكام وعلى ترتيبها وتكميل ما نقَصَ منها، فصار كتابي هذا من أنفعِ المصنَّفات وأغزرِها فائدةً، حتى لو قلت: إنه لم يؤلَّفْ مثلُه، لم أُبعد، والله ينفعُ بالنية في ذلك" (١). ومثلُ هذا النصّ في الدّلالة على سَعة اطّلاعه في الحديث وأسانيدِه واعتدادِه بذلك، ما نجدُه في ترجمة أبي محمد ابن القُرطُبي، فقد ذكَرَ كتابَه "تلخيصَ أسانيد الموطّإ" من رواية يحيى بن يحيى وساق كلامًا لابن الأبار حولَه جاء فيه: "وهو ما دَلّ على سَعة حفظِه وحُسن ضبطه .. وقد استدركتُ عليه مثلَه أو قريبًا منه"، ثم عقّب على هذا بقوله: "قال المصنِّفُ عفا اللهُ عنه: أسَرَّ ابنُ الأبّار في هذا الثناء، حَسْوًا في ارتغاء، وأظهر زهدًا في ضمنه أشدُّ ابتغاء، ولم أقفْ على كتاب ابن الأبّار، غيرَ أني وجدتُه يَذكُر بعضَ ذلك في مواضعَ من "تكملتِه"، وفي أملي التفرّغُ لالتقاطه إن شاء الله، وأرى أنه محلّ استدراك، ومجال اشتراك، فقد وقفتُ على ما لم يَذْكراه، وعثرتُ فيما طالعتُ على ما لم يُسطّراه، والإحاطةُ لله وحدَه" (٢). ومن يستدرك على محدِّثينَ حُفّاظ من طبقة ابن القَطّان وابن المَوّاق وابن الرّنْدي وابن الأبّار، لا بدّ أنه بلغ شأوًا بعيدًا في الاطلاع على أُمّهات كُتُب الحديث والوقوف على مختلف معاجمها، وعندما فَخَرَ الملاحيُّ بصنيعِه في الكتاب الذي عنوَنَه: "كتابَ الأربعين حديثًا عن أربعين شيخًا من أربعينَ قبيلةً في أربعينَ بابًا من العلم من أربعينَ بين مسنَد ومصنَّف عن أربعينَ من الصّحابة - رضي الله عنهم - بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلة معرِّفا بجميعهم رحمهم الله من صحيح حديث رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وعرَتْه نَشْوةٌ من الزَّهو فقال: "وهذه أعجوبةٌ محجوبة، حجَبَها اللهُ تعالى فلم يقَعْ أحدٌ في علمي عليها، فله الحمدُ والشُّكر أنْ هداني ووفَّقني


(١) الذيل والتكملة السفر الثامن (ترجمة رقم ٧٤).
(٢) المصدر نفسه ٤/الترجمة ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>