العبودية لله وحده والتحرّر من أغلال التعتد للأصنام والزعماء والرؤساء، وبدر أبو لهب بتكذيبه والتحذير من قبول دعوته، سألوا عنه، فقالوا: من هذا وراءه يكذبه، فيقال: عمّه! وتسري هذه في الغوغاء والجماهير التي تعيش بعواطفها وشعور التبعة لكل ناعق، فيقولون معرضين عن هداية الإِسلام: قوم الرجل أعلم به!
وسبق أن ذكرنا حديث:"لقد أوذيت في الله وما يؤذي أحد".
وقد علّمَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كل أذية تلحق شخصه - صلى الله عليه وسلم - في بدنه مهما عظمته وفدحت واشتدّ أثرها لا توضع قط في ميزان مع أيّة أذيّة تعترض طريق الدعوة، وتعوق تبليغ الرسالة مهما ضؤلت!
وعلمنا - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يودّ الشهادة فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "انتدب الله لمن خرج في سبيله -لا يخرجه إِلا إِيمان بي وتصديق برسلي- أن أرجعه بما نال من أجراً وغنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلْف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل"(١).
وسيأتي مزيد من الأدلة في العهد المدني!
وهكذا كان الأذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -كما سبق وكما سيأتي- والصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من الدعاة إلى الله تعالى، مع تناهي شدته