العقول في سنن الحياة، فالنظر فيما يُروَى منها جُملة في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل نبوّته أو في زمنها يجري على سنن تلك الآيات وقوانينها، ويبقى على الباحث النظر في إثبات أفراد تلك الحوادث والجزئيّات التي سجلتها السيرة النبويّة، فما ثبت بطريق صحيح السند، صادق الرواية، وجب قبوله والإذعان بوقوعه؛ لأن رده أو التشكيك فيه بعد ثبوته بهذه الطريقة التي لا طريق للإثبات التاريخي فوقها، والتي التزمناها في هذه الدراسات، ردٌّ لبرهان العقل القاطع، وردٌّ للنصوص القطعيّة في إثبات الآيات المعجزة، ولا فرق بين آية وآية، وردُّ البرهان العقلي والدلائل القطعية، إلحاد في الدين، أو جهل بسنن الله، أو تشكيك في قدرة الله!
٢ - التربية الإلهيّة:
وثاني ما يطالعنا: التربيّة الإلهية .. ونبصر معالمها فيما يلي:
[شق الصدر]
كان لموت عبد الله بن عبد المطلب، وهو في مقتبل شبابه، أثر من الحزن الفادح، والألم الممض على نفس أبيه الشيخ، الذي أفنت السنون جلده وناء بأثقالها، فلما بشر بميلاد حفيده محمد - صلى الله عليه وسلم - صب به صبابته بأبيه من قبله، وقد كان أحب أبناء عبد المطلب إليه، وحظي محمد - صلى الله عليه وسلم - عند جده حظوة لم تكن لأحد من ولده، فأخذه من مهده بين يديه، وطاف به حول الكعبة يباركه ويدعو له، ويستعذب النظر إليه، في حنان الأبوة الثاكلة، ثم رده إلى أمه، وأخذ يفكر ويقدر، ويطلب له المراضع، وقد كان ذلك من عادة أشراف قريش، اتقاء لوخامة المدن، ووضر الحواضر، وتخريجاً في التعرب