وصلابته، وكان هذا على يد ذي القرنين قبل أن يعرف العلم البشري ذلك بقرون لا يعلم عددها إلا الله تعالى، وحيث يتمثّل النموذج الطيب للحاكم الصالح، الذي سار في الأرض شرقاً وغرباً، دون أن يتكبّر أو يتجبّر، ودون أن يطغى أو يتبطّر، ودون أن يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والشعوب، ودون أن يعامل الشعوب معاملة الرقيق، كما يفعل المستعمرون في عالمنا المعاصر شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً .. وإنما قام هذا الرجل الصالح، الخبير في بناء السدّ، ينشر العدل، ودرء العدوان، والدعوة إلى التخطيط العلميّ الفذ، والعمل المتقن، والإنتاج والإبداع!
ولسنا في حاجة إلى بيان مكانة التخطيط في الدعوة، والهجرة، والجهاد .. فذلك ما سنعرض له في حينه بعون الله تعالى وتوفيقه!
[٨ - إنذار يهود برسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
وإذا كانت تلك الآيات قد حملت إلينا الإجابة على تلك الأسئلة -كما عرفنا- فلماذا لم يؤمن اليهود برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
وهنا يطالعنا إنذار يهود برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قاله ابن إسحاق (١): حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن رجال من قومه قالوا:
(إن مما دعانا إلى الإسلام، مع رحمة الله تعالى وهداه لنا، لمَا كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب، عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون