للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في العام، وإِنّي أوصيكم بمحمد خيراً، فإِنه الأمين في قريش، والصدّيق في العرب، وهو الجاهع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان، مخافة الشنآن، وايم الله! كأنّي أنظر إِلى صعاليك العرب، وأهل البر في الأطراف، والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظَّموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً، ودورها خراباً، وضعفاؤها أرباباً، وإِذا أعظمهم عليه أحوجهم إِليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصغت له فؤادها، وأعطته قادها، دونكم يا معشر قريش ابن أبيكم، كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله! لا يسلك أحد منكم سبيله إِلا رشد ولا يأخذ أحد يهديه إِلا سعد، ولو كان لنفس في مدّة، ولأجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدفعت عنه الدواهي، ثم هلك أبو طالب!

[وفاة أبي طالب]

ومات أبو طالب سنة عشر من المبعث، بعد الخروج من الشِّعب بزمن يسير (١)، وقيل: توفي في رمضان، قبل خديجه رضي الله عنها بثلاثة أيام (٢)، وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين (٣)، وقيل: كان بين وفاته ووفاة خديجة شهر وخمسة أيام! (٤)


(١) انظر: ابن سعد: ٨: ١٨ من رواية الواقدي.
(٢) انظر: سيرة الذهبي: ٢٣٧ عن الحاكم وأنساب الأشراف: ١: ٤٠٦.
(٣) ابن سعد: ٨: ١٨ من طريق الواقدي. وابن هشام: ٢: ٦٦.
(٤) انظر: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية: ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>