حياتها الجديدة مع زوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولتكن معه وزيرة صدق، ورفيق إخلاص وفداء، ولتكتشف الطريق بأسلوبها الخاص، لتزيده تثبيتاً في النهوض بحياته الجديدة، ولتضاعف له حبّها وحنانها، وقد ذكر لها -كما سبق- مخاوفه من ألا يستطيع النهوض بعبء ما حمله في حياته الجديدة، فكشفت له - صلى الله عليه وسلم - ما يعلمه من نفسه، من أنه مجمع مكارم الأخلاق، وموئل الفضائل، ومنتجع الشمائل، ومنبع المحامد، ومصدر الخير .. هو الصادق الأمين، الذي لا يُخْزى ولا يُخذل، سنة الله في الحياة، فليهدأ روعه، وليزدد إيماناً بأنه المنصور المنتصر، وليزدد يقيناً بأنه سينهض بعبء رسالته؛ لأن الله أجتباه لها:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}(الأنعام: ١٢٤)!
[ورقة يؤكد فراسات خديجة]
وهؤلاء أهل العلم الأوّل، فلتذهب خديجة إلى عليمهم وقارئ الكتاب الأول: ورقة بن نوفل، ليخبرها بما عنده، بعد أن تحدّثه بما رأت وسمعت، وكان تصديق ورقة آية من فراسة خديجة رضي الله عنها، وأنبأ ورقة محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالنبأ العظيم .. نبأ الرسالة الخاتمة وأثقالها -كما أسلفنا-، فكان ذلك إيذاناً بأن حياة الدّعة والرّاحة قد ولت، وأن حياة الجهاد والنّضال والشدّة قد بدأت، فلتكن وقفتها إلى جانب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - في حياته الجديدة .. حياة الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم - وقفة تتسامى إلى مستوى ما ينتظره من شدّة وكفاح!
وصدقت خديجة الصدّيقة بسبقها إلى الإيمان سبقاً لم يشاركها فيه أحد .. ومضتْ -رضي الله عنها - في طريق هذا السبق تقفو أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتتبع خطواته، لتحيط بخبره علماً، حريصة عليه أشدّ ما يكون حرص زوجة أمينة