للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مع الآيات القرآنية]

ونعود إلى قوله جلَّ شأنه: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)}!

نعود فنبصر هذا القضاء إخباراً من الله تعالى لهم بما سيكون منهم حسب ما سبق في علمه تعالى من مآلهم .. فالله عَزَّ وَجَلَّ قد قضى لبني إسرائيل في الكتاب الذي آتاه موسى أنهم سيفسدون في الأرض مرّتين، وأنهم سيعلون بغير حق على الناس ويستكبرون .. وكلما ارتفعوا بغير حق واتخذوا ذلك وسيلة للإفساد سلّط الله عليهم من عباده من يقهرهم ويستبيح حرماتهم ويدمّرهم تدميراً.

وكان من مظاهر إفسادهم في الأرض تحريفهم للتوراة، وتركهم العمل بما جاء فيها، وقتلهم الأنبياء، وافتراؤهم واعتداؤهم على الذين يأمرون بالقسط من الناس، وشيوع الفواحش والرذائل فيهم!

فإن قال قائل (١): وما فائدة أن يخبر الله تعالى بني إسرائيل في التوراة أنهم يفسدون في الأرض مرّتين، وأنه يعاقبهم على ما كان منهم بتسليط الأعداء عليهم للتدمير؟!

فالجواب: أن إخبارهم بذلك يفيد أن الحق تبارك وتعالى لا يظلم الناس شيئاً، وإنما يعاقبهم على ما يكون منهم من إفساد ويعفو عن كثير، وأن رحمته مفتوحة للمفسدين متى أصلحوا وأنابوا إليه!

وهناك فائدة أخرى لهذا الإخبار، نبصرها في تنبيه العقلاء، في جميع الأمم


(١) بنو إسرائيل في القرآن والسنة: ٢: ٣: ٣٥ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>