يطمئن إلى كفاية الحجيج منها، وهو وحيد وليس معه إلا الحارث، وينو عبد شمس، وبنو عبد الدار، منافسوه في الشرف، يتربّصون به، وهنا تذكر الرواية التي معنا أن عبد المطلب أُريَ مكان زمزم مناماً، وهي رواية -كما قلنا- سندها حسن، وكلمة التاريخ في مصادره العربيّة متفقة على أن إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام، كانت له عين ماء إلى جوار مكان البيت الحرام، أغيث بها ليشرب هو وأمه!
وسبق أن عرفنا في حديثنا عن الخصيصة الأولى من خصائص الجزيرة، كيف أن هذه الجريرة كانت في عزلة موحشة، ونسيان شرود، وأن الرمال قد انفجرت عن زمزم، بعد أن قالت هاجر لإبراهيم حين أراد أن يتركها وإسماعيل، فيما رواه البخاري عن ابن عباس:(آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إِذن لا يضيعنا .. وكانت زمزم عيناً معيناً)!
وكذلك اتفقت كلمة التاريخ على أن هذه العين طمّت، وأن قريشاً لما سكنت مكة وعمرتها، ودانت لها بسلطانها الديني تقاسمت مراتب الشرف في بيوتاتها، فكانت سقاية الحجيج في بني (عبد مناف) يتوارثونها، حتى انتهت إلى (عبد المطلب بن هاشم)، وهو أحوج في هذا الموقف إلى الماء الغزير القريب!
نَذْر عبد المطلب:
ومر أبو جعفر الطبري على قصة حفر زمزم مروراً عابراً، فلم يحفل برواياتها، واكتفى بقوله في صدد الحديث عن مكانة (عبد المطلب)!