ومع حريّة الاعتقاد حريّة الدعوة للعقيدة، والأمن من الأذى والفتنة .. وإلا فهي حريّة بالاسم، لا مدلول لها في واقع الحياة!
والإسلام -وهو أرقى تصوّر للوجود والحياة، وأقوم منهج للمجتمع الإنسانيّ بلا مراء- هو الذي ينادي بأن {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}!
وهو الذي يبيّن لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدّين .. فكيف بالمذاهب والنظم الأرضيّة القاصرة المتعسّفة، وهي تفرض فرضًا بسلطان القانون، ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة؟!
والتعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}! نفي جنس الإكراه .. والنهي في صورة النفي، والنفي للجنس أعمق إيقاعًا، وآكد دلالة!
ولا يزيد السياق على أن يلمس الضمير لمسة توقظه، وتشوقه إلى الهُدى، وتهديه إلى الطريق، وتبيّن حقيقة الإيمان التي أعلن أنها أصبحت واضحة:
{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}!
فالإيمان هو الرشد الذي ينبغي للإنسان أن يتوخّاه، ويحرص عليه، والكفر هو الغيّ الذي ينبغي للإنسان أن ينفر منه، ويتّقي أن يوصم به!
والأمر -كذلك- فعلًا، فحين يتدبّر الإنسان نعمة الإيمان بالله ربًّا وبالإِسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولًا، وما تمنحه هذه النعمة للإدراك البشريّ من تصوّر ناصع واضح، وما تمليه للقلب البشريّ من طمأنينة وسلام، وما تثيره في النفس البشريّة من اهتمامات رفيعة، وما تحققه في المجتمع الإنسانيّ من نظام سليم قويم دافع إلى تنمية الحياة .. !