يتملّق الضعفاء والأرقّاء والمحرومين، ليستنصر بهم في نشر دعوته، ويخلّصهم من الاستعباد الاجتماعي، فكانوا أسرع استجابة لدعوته، وأشدّ إقبالاً على اعتناقه!
فلا يصح أن يغفل الذين يكتبون عن صدارة الإِسلام وطلائعه عن لهذه الدخيلة المغلّفة بالبريق في هذا الرأي، ولا يصح أن نُسلّم لقائلها إلا بعد النظر فيها نظرةً فاحصةً، تتبيّن بها دوافعه الاجتماعيّة، وعوامله السياسيّة في سير الدعوة، مما أدى بكثير من كتاب السيرة النبوية قديماً وحديثاً إلى الإيمان بهذه القضيّة المشهّرة، التي يردّها واقع التاريخ، وحقائق الأحداث التي احتفت بها!
[مكانة السابقين]
بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى العالمين، وأمره بالإنذار العام -كما عرفنا- في قوله جلّ شأنه: {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} (المدثر).
فنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر ربّه، لا يُبالي بما يلقاه من شديد الأذى، وفادح البلاء، لا يتّقي أحداً من الناس!
ورأى - صلى الله عليه وسلم - بتسديد الله وتوفيقه، وحكمة توجيه دعوته في سيرها، وتبليغ رسالته -كما أسلفنا- أن لا يبادي قومه بعداوة، وأن لا يُعلن إليهم دعوته في أول خطواتها، وهو وحيد منفرد في قومه، ليس معه من ينصره منهم، ولا من غيرهم، وهم جميعاً، ومن ورائهم سائر العرب، بل سائر الدنيا، إلْبٌ على هذه الدعوة الهادية الراشدة، التي تعيب وثنيّتهم، وتَنْعَى عليهم شركهم، وتسفّه أحلامهم .. وتندّد بحياتهم الماديّة الظالمة التي يحبّونها، دون رادع