للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبقى هذا التوجيه القرآني حاضراً يجلو لأبصارها طبيعة هذه الدعوة، وطبيعة طريقها، وطبيعة أعدائها الراصدين لها في الطريق، ويبث في قلبها الطمأنينة لكل ما تلقاه من وعد الله، فتعرف حين تتناوشها الذئاب بالأذى، وحين تعوى حولها بالدعاية، وحين يصيبها الابتلاء والفتنة .. أنها سائرة في الطريق، وأنها ترى معالم الطريق!

ومن ثمَّ تستبشر بالابتلاء والأذى والفتنة، والادعاء الباطل عليها وإسماعها ما يُكره، وما يؤذي .. تستبشر بهذا كله؛ لأنها تستيقن منه أنها ماضية في الطريق التي وصفها الله لها من قبل، وتستيقن أن الصبر والتقوى هما زاد الطريق، ويبطل عندها الكيد والبليّة، ويصغر عندها الابتلاء والأذى، وتمضي في طريقها الموعود إلى الأمل المنشود .. في صبر وفي تقوى .. وفي عزم أكيد!

[قيمة العقيدة]

ويطالعنا قول الله تعالى:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣)} (الحج)!

وهنا نبصر نموذجاً من الناس يزن العقيدة بميزان الربح والخسارة، ويظنها صفقة في سوق التجارة .. والعقيدة هي الركيزة الثابتة في حياة المؤمن، تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو على هذه الركيزة (١)، وتتجاذبه الأحداث


(١) السابق: ٤: ٢٤١٢ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>