وباستثناء النفر من حلفاء قريش ونسائهم لا تذكر الروايات أسماء أرقّاء ومساكين في جملة المهاجرين، وتعليل ذلك يعود إلى أن ضغط زعماء قريش كان أكثر شدّةً على أبناء أسرهم؛ لأنهم تحّسبوا من عواقب إسلامهم بالنسبة لعامة الناس وسائر شباب الأسر، في حين أنه لم يكن ما يخشونه من مثل ذلك من المساكين والأرقاء والفقراء والغرباء، وهذه صورة مخالفة لما قد يكون في الأذهان! (١)
[عودة المهاجرين إلى المدينة]
وظل معظم المهاجرين في أرض الحبشة إلى أن وافق قدوم جعفر بن أبي طالب، ومن معه من المهاجرين إلى الحبشة فتح خيبر!
يروي الشيخان وغيرهما عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه -: بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إِليه: أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم: أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رُهم -إِمّا قال: في بضعٍ، وإِمّا قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي- فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إِلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه، حتى قدمنا جميعاً، فوافقْنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، وكان أناسٌ من الناس يقولون لنا -يعني لأهل السفينة- سبقناكم بالهجرة، ودخلتْ أسماء بنت عُميس -وهي ممن قدم معنا- على حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زائرةً. وقد كانت هاجرت إِلى النجاشيّ فيمن هاجر، فدخل عُمر على حفصة -وأسماء عندها- فقال عُمر حين رأى أسماء: مَنْ هذه؟ قالت: أسماء بنت عُميس،
(١) دراسة في السيرة: ٨١ نقلاً عن: سيرة الرسول: ١: ٢٧٢، وانظر: الهجرة النبوية: ٩٨.