السفهاء، وإقامة العقبات في سبيل سير الدعوة إلى أهدافها، والوصول بها إلى غايتها، صابراً محتسباً، عفوًّا صفوحاً، كريماً حليماً؛ مما جعل دعوة الحق والهداية تدخل إلى كل مجتمع ومحفل وناد في مواسم العرب وأسواقهم حتى أصبح لها في كل قبيلة ذكر، وعند كل قوم أثر ومشهد، وتحدّث الناس عن هذه الدعوة بين موافق معجب ومخالف مقلّد!
[التآمر على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]
وقد أحفظ ذلك عتاولة الشرك، وغطارفة الوثنيّة، وملأ الكفر من المستكبرين في قريش، فاشرأبّت أعناق الحقد الأسود في قلوبهم، وتعرّجت طرائق المقاومة، وأبلسوا في متائه الحيرة، وعُمِّي عليهم الرأى، وغُمِّيَتْ عليهم دلائل الهداية فلم يعرفوا إلاّ الشرّ وذرائعه، وإلاّ سوء المكر ووسائله، وانتهوا إلى مجثم الشيطان يستنزلون أوامره، وتلقّوها من وحيه سوداء مظلمة، حاقدةً مضطغنةً، وراحوا يمكرون ويدبّرون، لينفذوا أبشع جريمة غادرة، بعد أن أعيتهم مواقف العزيمة الصارمة الماضية، التي لا ينحسر مدّها، ولا يتوقّف توثّبها، في ثبات ورسوخ من اليقين الذي ملأ حياة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وحياة أصحابه رضي الله عنهم، فاستهانوا بكل بلاء، واحتملوا كل إيذاء وتعذيب، وسخرية واستهزاء، فلم يبق أمام ظلم ذوي القربى إلا قاصمة الظهر، فقد طرقوا كل باب من أبواب الشرّ والفجور، فلم يُجدهم شيئاً، وانتثروا آخر سهامهم، فلم يجدوا فيها إلًا سهماً واحداً لم يجرّبوه!
ذلك أن يقتلوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - علانيةً، ليجعلوا قومه بني هاشم أمام عاصفة لا قبل لهم بالوقوف أمام زمجرتها وتدميرها!