يفرغ من جمع حتى يتجه إلى جمع، يطلب زيادة من عنده من المال والبنين وبسط العيش!
ثم جاءت الآية بعدها: {كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦)} [المدثر].
تزجره عن الانسياق مع مطامع نفسه الخبيثة، وهو على ما هو عليه من خبث الطويّة ومكر السوء، ثم تقرّر الآية الكريمة بعد هذا الزجر بيان الحكمة في إنكار طمعه في الزيادة، والتعجب من حاله، وغروره في فجره وكفوره!
وفي الآية تيئيس له من الزيادة، ووعيد بالنقصان، ولهذا قال المفسرون: ولم يزل الوليد في النقصان بعد قول الله تعالى: {كَلًا} حتى افتقر، وخرف، ومات كفوراً فقيراً!، ووصفه في الآية بالعنيد لآيات الله بيان لشدّة فجوره وطغيانه، ومجاوزته كل عتوّ وإثم، فالعنيد مبالغة من العناد، وهو مجاوزة الحدّ، وأريد به هنا الذي عرف الحق بقلبه وعقله، وأنكره بقوله وفعله واعتقاده، استكباراً وغلواً في الجبروت والكفر، وفي تقديم المتعلّق {لآَيَاتِنَا} على متعلّقه {عَنِيدًا} تخصيص، كأنه قيل لأنه عنيد لآياتنا نحن الذين أنعمنا عليه بشتّى النعم، لا لآيات غيرنا، ممن لم يكن في استطاعته أن ينعم عليه بشيء!
[٣٢ - خصائص هذا النموذج]
وفي هذا التخصيص تسجيل لبالغ كفره، وشدّة عتوّه وفجوره، وسوء عناده.
قال الفخر الرازي (١): وفي هذه الآية إشارة إلى أمور كثيرة من صفاته: