أحدهما: أنه كان معانداً في جميع الدلائل الدالة على التوحيد، والعدل، والقدرة، وصحة النبوّة وصحة البعث، وكان هو منازعاً في الكل منكراً للكل!
وثانيها: أن كفره كان كفر عناد، كان يعرف هذه الأشياء بقلبه، إلا أنه كان ينكرها بلسانه، وكفر المعاند أفحش أنواع الكفر!
وثالثها: أن قوله {كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦)} يدل على أنه من قديم الزمان كان على هذه الحرفة والصنعة!
ورابعها: أن قوله -أيضاً- يفيد أن تلك المعاندة كانت منه مختصّة بآيات الله تعالى وبيّناته، فإن تقديره: إنه كان لآياتنا عنيداً لا لآيات غيرنا، فتخصيصه هذا العناد بآيات الله، مع كونه تاركاً للعناد في سائر الأشياء يدل على غاية الخسران! ثم جاءت الآية التالية: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)} (المدثر).
تقرّر ما أعدّه الله لهذا الطاغية من سوء العذاب في الآخرة، إلى جانب ما أرهقه به من سلب ما أنعم به عليه في الدنيا، كما أفادته كلمة الزجر {كلًا} عن الطمع في الزيادة، وأنه سيعامل بنقيض مقصوده من النقصان والسلب بعد العطاء، والإرهاق تحميل الشدائد وتكليفه إيّاها، {صَعُودًا} مثل لما يلقى المرهق من أثقال العذاب ومشاقه وصعائده مما لا يطاق مثله، وهو مأخوذ من قولهم عقبة صعود وكدود، أي شاقّة المصعد، والمعنى أن الله تعالى توعد هذا الطاغية بأنه سيجد عذاباً شديداً لا يطيقه، جزاء عناده في كفره وجحوده بإنعام الله عليه!
ثم ذكر الله تعالى حال هذا الطاغية في عتوّه وعناده في كفره، وأن كفره كان كفراً مقصوداً مرتّباً قائماً على التفكير والتقدير، فالطاغية العنيد قد فكر