وآيات مردّدة .. وهذا عند التأمّل في سياق كل قصة، يبدو خيالاً واهماً، لا يركن إليه ويعتقده إلا من لم يكن له صبر على البحث لمعرفة الحقائق التاريخيّة في سير الأنبياء والمرسلين، وإلا من لم يعرف وسيق الوشائج التي تربط بين رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - بكافة نبوّات الأنبياء، وسائر رسالات الرسل -عليهم السلام-!
ألا ترى إلى هذا الكتاب الحكيم في صنيعه بقصة يوسف -عليه السلام- وقد نزلت -كما تقول روايات أسباب النزول- إجابة لطلب قصد القصة كاملة؛ فإنه لما استوفى أحداث القصة متكاملة في سورتها، تحقيقاً للمطلوب، وإعجازًا للمعاندين، وتصديقاً للرسول - صلى الله عليه وسلم -، لم يعد إليها في سورة أخرى إلا إشارة ورمزًا!
والقرآن الكريم، وهو كتاب هداية وعبرة، في وزنه للحياة، وتقديره لحقائقها، يقصد في قصص الأنبياء والرسل فيما يقصد إليه من معان وحقائق إلى تنبيه العقول والأفكار إلى ما وقع في التاريخ البشري من غمط ظالم لأعظم حقائق الحياة، وتقصير متعمّد فيما كان يجب أن يكون في موضوع الصدارة من صحائفه!
٤ - النبوّة وبناء الحضارة:
ومن ثم جعل القرآن الكريم حديثه في عقائده، وعباداته، وتشريعاته، وآدابه، وأخلاقيّاته، ونظمِه في بيان علاقات الناس الاجتماعية، متصلاً أكمل اتصال بسيرة الأنبياء والمرسلين؛ لأنهم جميعاً لبنات في بناء الحضارة المثلى الرفيعة، التي جاءت رسالة خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - لتكميلها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: "إِنَّ مثَلي