للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٦ - المستقبل للإسلام]

وقد أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعالج بحكمته مرض الخوف الذي ملأ صدور زعماء شيبان من كسرى وعتوّه وجبروت قوّته الحربيّة، ويهون عليهم شأن هذه القوة التي يرهبونها، ويخافون سطوتها وبطشها، لينزع من قلوبهم المهابة منهم، فهي قوّة منهارة أمام قوّة الإيمان بعقيدة الحق، بل هي قوّة ينخر فيها سوس الفناء، وستتهاوى أمام قوّة الحق والعدل!

ولعل هؤلاء العرب الذين استضعفوا أنفسهم أمام قوّة الأكاسرة سيكون لهم إسهام في كسر حدّة هذه القوّة الماديّة الباطشة بزمجرتها، الجوفاء في حقيقتها؛ لأنها لا ترتبط بقوّة الإيمان بعقيدة الحق والعدل والإصلاح، وتحرير الإنسانيّة من براثن الاستعباد، وكذلك كل قوّة لا تملك في روحانيّتها هذا الارتباط العلوي محكوم عليها بالتفتت والزوال، وسيرثها الذين يقيمون دعائم قواهم على أسس من الإيمان والحق والعدل والإِسلام!

وقد قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الكون وسنن الله في حياة المجتمع الإنساني أن قوى الشرّ لا بقاء لها، وقد أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع هؤلاء القوم الذين أخلدوا إلى الأرض، لا يريحونها على أجنحة الأمل الفسيح، ليعدّهم نفسيًّا ليوم يأتيهم وهم يخوضون معارك الشرف والكرامة مع هؤلاء الأكاسرة باسم الإِسلام والعدل، وأنهم سيكسرونهم ويورثهم الله تعالى أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشهم نساءهم، يستولدونهم جيلاً يجري في عروقهم دمهم من أكرم ناحيتيه، ولا يكون ذلك إلا بقوة الإيمان بعقيدة الحق التي لا تطلب من صاحبها إلا حوْطها بما يحفظها، ويستديم صلتها بالله القويّ الأعلى، مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>