منهما من الجاذبيّة للخصائص والطباع، والتاريخ يذكر لـ (بني عبد مناف) خلائق القوة والصلابة والتمجد بالمكان، وحب الشرف، والسيادة والبذل، ودقة الشعور، وسرعة البداهة، وهي خصائص كانت كلها متوافرة في جدهم الأعلى، فأخذها منه وراثة ابنه (عبد مناف)، وأورثها (عبد مناف) بنيه من بعده!
ويذكر التاريخ -أيضاً- لـ (بني زهرة) الأناة والهدوء، ورقة الحاشية .. وهي خصائص كانت طبعاً لأبيهم (زهرة)، ومنه تحدرت إلى ولده، موزعة عليهم، على حسب ما فيهم من استعداد مفطور ..
والناظر إلى سيرة النسل المتجدّد من (عبد مناف)، ولا سيما الفرع الذي انتهى إثماره إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، يجد صدق هذا في طباعهم وأحلامهم!
والناظر في (بني زهرة) يجد -كذلك- خصائص أبيهم ممثلة في طبائعهم!
[هاشم]
وكان (هاشم) على خلق أبيه، في التمجّد بالكرم والبذل، يقوم بالرفادة، وإطعام الحاج في الموسم كله، وكان رجلاً موسراً، فإذا حضر الحج قام في قومه فقال:(يا معشر قريش، إنكم جيران الله (١)، وأهل بيته، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوّار الله، يعظمون حرمة بيته، فهم ضيف الله، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه وزوّاره، يأتون شُعثاً غُبراً، من كل بلد، فأقروهم واسقوهم)، وكانت قريش ترافد على ذلك، حتى إن كان أهل البيت ليرسلون بالشيء اليسير على قَدْرهم، وكان (هاشم) يُخرج في كل عام مالاً كثيراً ويقول: (لو أن مالي يسع ذَلك ما كلفتكم شيئاً)!