ثم إن تفسير الإسراء والمعراج بهذه الفكرة، وتصويرها هذا التصوير الذي ارتضاه (هيكل) يقتضي إنكارها، على حسب ما جاء به القرآن القطعيّ، والسنّة الصحيحة المشهورة -كما أسلفنا- فليس ثمّة إسراء حقيقة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بذات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك عروج بالنبيّ من بيت المقدس إلى السماوات السبع وما فوقهن، ولا صلاة بالأنبياء، ولا لقاء ولا تسليم، ولا تكليم الله لنبيّه، وإنما كل ذلك تمثيل وتقريب!
وما الداعي إلى ذلك ما دام الكون كله قد اجتمع في روح النبي - صلى الله عليه وسلم -كما قال صاحب هذا الرأي: فالمسجد الحرام في وجه، والأقصى في روحه، والسماوات وما فيهنّ في روحه، ووجودها في وجوده.
[إغراب وتشويش]
ثم ما الداعي إلى كل هذا التكلّف والإغراب من الدكتور هيكل في فهم نصوص صريحة، جاءت بلسان عربيّ مبين؟
وما الذي حدا به إلى أن (يشطح) هذه (الشطحات) التي لا داعي إليها!
إن الإسراء والمعراج كما جاء بهما القرآن والأحاديث الصحاح المتواترة أقرب منالًا، وأشدّ استساغة لعقول الناس مما ذهب هو إليه .. ولو جلست زماناً لتفهم رجلاً أميًّا أو متعلّماً، بالإسراء والمعراج -على ما رأى الدكتور-