لأحد على شر، وينقذهم، وكان حريصاً يحذر من يتوهّم منه شراً، ويحترس منه، من غير تقطيب وجه، أو غلظ في قول، بل هو في كل أحواله الأليف المألوف، يفتح قلبه لهم، ليقول خيارهم ما تنطوي عليه نفوسهم، ويستحي غيرهم من أن يظهر خبيئة نفسه، بل يبقى حبيساً لا يظهر، وربما خبا فيزول، ويستقيم أمره .. !
[الصفة الثالثة]
والصفة الثالثة التواضع الكريم الذي لا ضعة فيه ولا ذلة، فهو إذا دخل على جماعة جلس حيث ينتهي المجلس، وحث أصحابه على ذلك، ويتطامن لهم في المجلس، ويمسهم بجناح الرحمة، ويسوّي بينهم، ويغض الطرف عما لا يحسن، إلا أن يكون في السكوت ترك لواجب الإرشاد، وإن أرشد ففي رفق يكتفي بالإشارة، وبعد ذلك التعريض، ثم التنبيه في تعميم، فإذا رأى من يسيء كان يقول:"ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا"
وفي هذا أدب رفيع وخلق كامل، ولا يمزح إلا قليلاً، وإن كان ولابد فبعبارة فيها حكمة!
[الصفة الرابعة]
والصفة الرابعة بعده عن الغلظة والجفوة، ليس بفظ ولا غليظ ولا عيّاب، ولا متتبّع للعورات، ولا صخاب ولا فحاش، فلا يفحش في القول وإن كان صدقاً، فإن النطق بهجر القول، ولو كان وصفاً صادقاً لمن يرمى به، لا يصح إلا إذا ترتب عليه ضياع حق أو نصر باطل، فإنه يذكر موضوعه!